الثلاثاء، 3 فبراير 2015

The Challenge #6

الحلقة السادسة
* * * * * * *

بعد ان تنهى المكالمة مع "مروان" تفكر قليلا .. وتتذكر جيدا كلمات " مايكل " عندما حدثها ليخبرها بالتحدى .. و يخبرها انها ستسافر الى "مصر" خلال ثلاثة ايام ..

كيف ستعود الى ذكرياتها و الى حياتها السابقة لتثير هدوءها و كيف تعيد ذكرياتها المدفونة الى الحياه مرة اخرى ..
كيف ستمتلك الشجاعة لمقابلة " اسلام " مرة اخرى ؟!!!

بعد بضع ساعات يأتى "مروان" ليجلس معها و يحاول ان يفهم ما حدث .. تخبره بالتحدى القادم فى المسابقة وانها يجب ان تسافر الى مصر لتحدى ماضيها , وانها يجب ان تخبر "اسلام" بكل ما حدث فى حياتها بعد ان تجعله يمر بكل ما مرت به , اى يجب ان تنتقم منه لتخبره عن مشاعرها .. وانها يجب ان تقضى فترة كبيرة فى مصر لتواجه كل شى فرت منه هاربة الى اوروبا ..

مروان : انتى شايفة ايه ؟؟ .. شايفة ان المسابقة دى قلبت دراما اووى .. و الموضوع مبقاش تحدى خوفك و انك تجربى كل حاجة قبل ما نتجوز الموضوع بقي اكبر من كدة بكتير .. انا حاسس انى بخسرك .. عايزانى اوافقك على كل اللى بتعمليه ؟!!

داليا : مروان ممكن تهدى شوية ؟
مروان : اهدى ؟؟! .. اهدى ازاى بالكلام اللى انتى بتقوليه ده ؟؟
بدأت داليا تبكى و هى تتحدث راجية اياه ان يسامحها عما فكرت به ..
داليا : انا اسفة .. خلاص .. بجد اسفة
مروان : انا مش بقول كدة عشان تقولى اسفة .. انتى بتبعدى عنى اوى يا داليا .. دى اكتر حاجة بتتعبنى .. علاقتنا تقريبا انتهت .. حتى علاقتنا كاصحاب قربت تختفى ..
داليا : لا ما تقولش كدة ... انا استحالة اخسرك .. خلاص والله .. مش هفكر ف المسابقة دى تانى .. انا استحالة ابعد عنك .. ازاى ابعد عن الشخص اللى رجعلى روحى تانى ؟؟
مروان : طيب خلاص بقي ممكن تبطلى عياط ؟! .. انا مش زعلان منك .. انا بس خايف عليكى ..
داليا : خلاص يا حبيبى ..

يمسح دموعها بيده و يضمها اليه ليطبع قبلة على جبينها ثم يحضنها بقوة .. تنام بين ذراعيه فيحملها ويضعها على سريرها و يكتب لها ورقة صغيرة ويضعها بجانبها .. ثم يغادر شقتها و يتجول بسيارته فى شوارع المدينة حتى يشعر بالتعب فيعود الى شقته .. ليكمل تفكيره فى ما قالته "داليا" هل كان رفضه للمسابقة صائب ؟ ... ام انه اخطئ لانه اجبرها على الرفض بكلماته الغاضبة ؟! .. فكر طوال الليل فى موقفه كصديق لها قبل ان يكون حبيب .. ومن واجبه كصديق ان يجعلها توافق على العودة لتكمل حياتها فى المستقبل و هى مطمئة للماضى .. كان يجب ان تعود الى مصر للتحدث الى "اسلام" وتخبره بكل ما تخفيه وراء قلبها .. حتى تخفف عن نفسها حمل كبير .. وان تخبر "والدتها" عن رفضها لزواجها فى البداية وعن رفضها لوجود رجل يحل محل ابيها .. ان تخبر آخاها ان لا ذنب له فيما حدث وسيظل اخاها طوال العمر .. فهل كان من الصواب ان يجبرها على الرفض؟!!!

* * * * * * 

تستيقظ "داليا" لتقرأ الورقة التى تركها "مروان" .. ( Good Morning , Call me now my Angle) فتحمل هاتفها و تتصل به .. يخبرها انه نائم منذ قليل و انه سيحدثها عندما يستيقظ .
وبعد ساعة تقريبا يتصل بها .. وبمجرد ان تجيب ..

مروان : ميعاد السفر امتى ؟؟
داليا : ايه ؟؟
مروان : هتسافرى مصر امتى مع فريق البرنامج ؟!
داليا : بس ... انت .. انا خلاص ...
مروان : لازم اشوفك قبل ما تسافرى .. اوعدينى اانا ما نخسرش بعض ف المسابقة دى
داليا : مروان .. انت بتتكلم جد ..
مروان : ااه .. موافق هتسافرى .. هتسافرى عشان نكمل حياتنا سوا من غير ما تبصى وراكى لحظة .. من غير خوف .. من غير قلق من الماضى .. من غير كوابيس .. اتصلى بالبرنامج وبلغيهم انك هتسافرى ...
داليا : بحبك ..
مروان : عارف .. بس انا بحبك اكتر .. يالا اتصلى بيهم دلوقتى وهنتقابل بليل ..

* * * * * 

انا لا اخاف ان تقابل حبيبها القديم .. ولكنى اخاف ألا تكون تلك الكلمة الصحيحة " حبيبها القديم " .. اخاف ان تصبح كمن عادت اليه ذكرياته بكل احساسها .. اخاف ان تضعف امامه .. فانا اعلم انها مازالت تخفى بعض من حبها له .. انها لم تنسى ماضيها .. فما زال شبح الذكريات حاضرا فى حياتنا ..

اخاف ان افقدك يا "داليا" اخاف ان اصطحب حبيبتى الى الماضى فلا تكون حاضرة فى مستقبلى .. اخاف ان تتغير احلامنا ليصبح حلمى رؤياك و يصبح حلمك نسيانى .. اخاف ان نبتعد اكثر ..

* * * * 

فى تلك الليلة جاءت الىّ لتخبرنى انها تريدنى معها .. اخبرتنى انها لا يمكن ان تذهب بدونى .. لا يمكنها القيام بذلك الا بمساعدتى .. فهى تحتاج جزءا من الصديق الذى يرعاها ويخاف عليها .. وتحتاج جزءا من الحبيب الذى يذكرها دائما بما مرت به من قبل حتى تلقاه .. تحتاج الىّ لامنحها القوة للصمود حتى النهاية ..

وافقت وانا بداخلى احساس كبير باننى سأذهب لاقضى آخر اللحظات بيننا هناك .. سأذهب لاعيدها الى الماضى ولا اعود بها .. لاعيدها الى حياتها السابقة التى لم اكن جزء ا منها .. كنت اشعر ان مهمتى مازالت ناقصة .. فلا يكفى ان تلتئم جراحها القديمة هنا .. معى انا .. كان هناك ذلك الاحساس ان جراحها القديمة لن تلتئم الا بالعودة للماضى .. جراحها لا يمكن ان تلتئم الا معه "هو" .. منّ سبب لها ذلك الجرح ...

الأربعاء، 28 يناير 2015

The Challenge #5

الحلقة الخامسة
*  * * * * * *
بعد بضع دقائق .. لم تشعر "داليا" بنفسها .. و فقدت وعيها .. بدأ فريق المساعدة و الفريق الطبى بحركة سريعة جدا لمحاولة اسعافها .. فحملوها الى الطائرة التى اخذتها الى المشفى سريعاًً ...

كان "مروان" فى ذلك الوقت يحاول الاتصال بـ "داليا" و مع انتظام اتصالاته كل خمسة عشر دقيقة .. تلك المرة ردت "مايا" على اتصاله واخبرته انهم بالمشفى .. فلم يشعر بنفسه الا و وهو يقف امام حجرتها بالمشفى و "مايا" تقف بجانبه تخبره ما حدث بالضبط ..

يجلس "مروان" على كرسى بجوار سريرها و هى نائمة امامه ...

* * * * *

اسلام : داليا .. داليا ... انتى كويسة ؟؟
داليا : اااه .. ايه اللى حصل ؟؟
اسلام : كدة تخضينى عليكى ؟؟ .. اغمى عليكى اول ما وقفتى .. مش فاهم ازاى .. بس ماشى
داليا : ما انت الى واخدنى مكان قرب السما ... وبعدين انا عندى فوبيا من الارتفاعات
اسلام : طب ما قولتليش ليه قبلها مكناش روحنا كافيه ف البرج
داليا : وانتى يعنى كل الاماكن خلصت ومفيش غير برج القاهرة الى نروحه .. وانت عارف انى بخاف من الاماكن العالية ..
اسلام : بس مكنتش متوقع انك يغمى عليكى و كدة , انا قولت عادى بتخافى شوية والموضوع عادى
داليا : لا يا سيدى اهو انت عرفت بقي انا بخاف اد ايه ..

* * * * * * *

تفتح "داليا" عينيها , فينهض "مروان" من مكانه ويجلس بجوارها على السرير و يحمل يدها بين يديه ..

مروان : حمدلله على سلامتك يا حبيبتى ..
داليا : ااه .. هو ايه الى حصل ؟؟
مروان : دى اخرة جنانك و عنادك .. مبسوطة كدة وانا دمى كان هينشف من القلق عليكى ؟
داليا : اسفة يا حبيبى ..
مروان : انتى كمان اللى بتتأسفى ؟! .. المهم عندى انك كويسة يا حياتى ..
داليا : انا كويسة ما تقلقش .. بس انا مش فاكرة ايه الى حصل بالظبط ؟!
مروان : الى حصل انك عاندتى و ضغطى على نفسك اوى عشان توصلى للنهاية ..
داليا : ااه .. انا ماتعبتش عشان الخوف .. انا حسيت ان نفسى ضاق ومكنتش قادرة اتنفس مع قلة الضغط وكدة تعبت .
مروان : طيب وده ينفع اللى انتى بتعمليه ف نفسك وفيا ..
داليا : خلاص بقي يا حبيبى انا كويسة اهو ..
مروان : ماشى يا مجنونة ..

وحمل يدها ليطبع قبلته عليها ...

* * * * * * *

بعد دقائق جاءت الممرضة لعمل الفحوصات الدورية من معرفة الضغط و مؤشرات التنفس و المحاليل الى آخره .. و بعدها يحمل " مروان " سجل المتابعة فى يده .. فتشير اليه " داليا " ان يعطها ورق المتابعة بحكم العادة المهنية .. وقد نسيت ان " مروان " ايضا طبيب ناجح ..

مروان : جرا ايه يا دكتورة .. مش واثقة فيا انى اقدر اخد بالى منك ؟ .. على فكرة بيقولوا ان انا دكتور شاطر جدا ..
داليا : معلش بقي .. مكنش قصدى كدة .. بس بحكم العادة زى ما انت عارف ..
مروان : ماشى يا ستى .. بس عموما انتى كويسة ما تقلقيش .. انا متابع بردو كل حاجة ..

وبعد لحظات تاتى "مايا" ومعها شخصين من فريق العمل

مايا : هاى .. شو الاخبار ؟؟ .. انتى بخير هلأ ؟
داليا : اه الحمدلله .. انا اسفة بجد على اللى حصل .. طبعا انا برا التحدى دلوقتى ؟!
مايا : ومين يالى قال هيك ؟؟!! .. التحدى انك تقومى حالك و تتحدى خوفك واى يالى انتى عملتيه .. الصور يالى صورتيها كتير رائعة .. و انتى اكتر حدا التقط صور .. انتى مازلتى بالتحدى .. ونحن اصلا عم بنجهز لتحديكى التالى .. بس بنتركك تريحى حالك يومين او شى وبعدها بنخبرك شو هو التحدى
داليا : بجد ؟ .. يعنى انا نجحت ف التحدى .. ومكملة ف المسابقة
مايا : ايه .. انتى معنا لا تقلقى .. الليلة بتضلى هون بالمشفى ... و الصبح هنبعت سيارة تنقلك للمطار .. تمام ؟!
داليا : تمام ..
مايا : و استاذ مروان .. فى مكان معنا بالطائرة لو بدك ترجع معنا عـ لندن ؟
مروان : اكيد .. ان شاء الله ..
مايا : تمام .. بتركن هلأ ونتقابل الصبح .. باى ..

* * * * * * * 

تعود "داليا" الى لندن ومعها مروان .. و بعد يومين يأتيها اتصال هاتفى لمعرفة التحدى القادم .. ولكن صدمتها تلك المرة كانت كبيرة جدا .. ف التحدى تلك المرة لم يكن فى حسبانها نهائيا .. ولا تتوقع نفسها توافق عليه ..

اتصلت بـ "كريس" وطلبت منها الحضور سريعا الى بيتها .. و عندما حضرت "كريس" اخبرتها بكل ما حدث و انها لا تعلم ماذا تفعل .. وانها تخاف ان تخبر "مروان" فيرفض ذلك بالتأكيد .. تخبرها "كريس" ان تترك تلك المسابقة و ان حياتها كانت رائعة ولا تحتاج الى اى اعصار يجتاح هدوءها و ينبش فى ذكرياتها ..

و حاولت "كريس" كثيرا ان تقنع "داليا" للعدول عن الموافقة على التحدى .. ولكن "داليا" لم تكن قد اخذت القرار بعد .. فما زالت متوترة ومشتته ولا تعرف ماذا تفعل .. غادرت "كريس" بسبب ارتباطها بموعد هام و اخبرت "داليا" انها ستتحدث معها فيما بعد .. 

بعد فترة جلست بها "داليا" وحدها .. حملت هاتفها واتصلت بـ "مروان" ..

داليا : الو .. حبيبى .. محتجاك معايا دلوقتى ..
مروان : ايه اللى حصل ؟؟
داليا : عايزة اتكلم معاك ! .. حاسة انى تايهة اووى ..
مروان : طيب انتى فالشقة دلوقتى ؟
داليا : ااه .. انت هتخلص ف المستشفى امتى ؟
مروان : عندى عمليه دلوقتى .. يعنى مش عمليه كبيرة .. هخلص و اجيلك على طول تمام ؟
داليا : ماشى .. هستناك ..
مروان : تمام ..
 
* * * *  * *

بعد ان تنهى المكالمة مع "مروان" تفكر قليلا .. وتتذكر  جيدا كلمات " مايكل " عندما حدثها ليخبرها بالتحدى .. و يخبرها انها ستسافر الى "مصر" خلال ثلاثة ايام .. 
كيف ستعود الى ذكرياتها و الى حياتها السابقة لتثير هدوءها و كيف تعيد ذكرياتها المدفونة الى الحياه مرة اخرى .. 
كيف ستمتلك الشجاعة لمقابلة " اسلام " مرة اخرى ؟!!!


الأحد، 25 يناير 2015

The Challenge #4

الحلقة الرابعة :
* * * * * * *
مايا : انتى بتحبيه لمروان ؟
داليا : اكيد , اينعم انا عارفة ان الصداقة هى اللى غالبة على علاقتنا بس انا فعلا ما اقدرش اعيش من غيره . حبنا من نوع تانى , نوع اتبنى عالاحترام والثقة من غير اى مقابل .
مايا : طب احكيلى عن هاى الشخص بمصر .. حبيبك الاولانى .. ليش تركتوا بعضكن ؟
داليا : الظروف مكنتش واقفة ف صفنا , حبينا بعض جدا , كان حب من اللى بنقراه ف الكتب و الروايات , عارفين كل حاجة عن بعض حتى اصغر الامور , بس بعد كدة اكتشفت انه حب و بس ما ينفعش يكمل ف الواقع , كان الخيال اخدنا لدنيا تانية خالص وبعدنا عن الواقع .
مايا : و ليش مو اتحديتوا ظروفكن ؟
داليا : الكلام سهل اوى , بس الفعل صعب , الظروف احيانا بتبقي اقوى مننا , مكنش نصيبنا نكون لبعض بعدنا اوى عن بعض , و بعدها ما استحملتش انى اعيش ف مصر و اشوف كل يوم جرحى قدامى ف كل مكان اروحه , كان شريط الذكريات بيعدى عليا كل ثانية , هنا اول مرة اتقابلنا , وهناك اول مرة قالى بحبك .. حسيت انى واقفة ف مكانى مش بتحرك ولا خطوة واحدة ...
-----------------

جلست تلك الليلة بالفندق اتمنى ان يمر الوقت سريعا حتى ينتهى ذلك التحدى وتعود "داليا" الى احضانى مرة اخرى , كنت خائف من التحدى القادم . اخاف ان يكون التحدى القادم هو الفراق , فانا اعلم انه اكبر خوفها , وانا لن اتحمل ان يحدث هذا , لا اريد ان افارقها يوما ...

----------------------------

بعد ساعات طويلة من الحديث بين مايا وداليا , فتحت بها "داليا" باب قلبها لتتحدث عن كل شئ مضى من حياتها , واقعها مع والدتها , وفاه والدها , وحبيبها .. او من كان حبيبها ..

بعد ذلك ذهبت "داليا" الى خيمتها , حملت هاتفها واتصلت بـ "مروان"

مروان : حبيبتى وحشتينى ..
داليا : بحبك ..
مروان : ايه ؟؟ .. قولى تانى كدة ماسمعتش كويس ...
داليا : بحبك ... ربنا يخليك ليا ..
مروان : و يخليكى ليا يا روحى .. عاملة ايه ؟
داليا : الحمدلله ..
مروان : ايه اللى مصحيكى لحد دلوقتى ؟ .. عندك يوم طويل بكرة
داليا : ما انا هنام اهو .. بس خليك معايا عالتليفون .. عايزة احس انك معايا ..
مروان : طيب يا حبيبتى .. انا مش هسألك ايه اللى حصل .. كفاية انك معايا ..
تنام "داليا" على كلمات "مروان" الدافئة ... وتحاول ان لا تفكر فى اى شئ الا هو ..
* * * *

فى مستشفى كبير بباريس .. تقف "داليا" وحيدة تحمل اوراقا كثيرة و تبدو منهمكة فى قراءتها .. ياتى "مروان" بجوارها ..

مروان : Hi , I'm Dr.Marwan !
داليا : Dalia , وممكن نتكلم عربى على فكرة .. انا مصرية ..
مروان : wow .. اتشرفت بمعرفتك .. انتى جديدة ف المستشفى هنا ؟؟ .. انا اول مرة اشوفك !
داليا : اه متدربة لسة ..
مروان : جراحة ؟؟
داليا : اه .. جراحة العظام ..
مروان : هنتقابل كتير ان شاء الله .. انا دكتور ف جراحة المخ والاعصاب ..
داليا : اكيد ان شاء الله .. عن اذنك عندى عملية دلوقتى ...
مروان : عارف .. اتفضلى ..
* * * * *

بعد ذلك بيومين .. فى كافيتريا بقرب المستشفى .. تجلس داليا و بيدها فنجان القهوة .. ياتى مروان و يستأذنها للجلوس معها .. ترحب به و يجلسان معاً .. يتحدثان عن امور حياتهم .. تخصصهم فى الطب و دراساتهم .. حتى تنظر "داليا" فى الاتجاه المقابل .. وترى فتاه وشاب يجلسان معاً على الطاولة المقابلة .. و الشاب يحمل باقة من الورود الصفراء ... و ترى الشاب يطبع قبلة على يد الفتاه .. تنهض "داليا" مسرعة و تحمل اوراقها وتركض تاركة "مروان" فى دهشة من امرها.. و لكنه ينهض وراءها .. حتى يرى سيارة تكاد تصطدم بها , يمسك يدها بسرعة و يشدها نحوه , و يسمع صرختها فجأة .. يرفع وجهها بيده حتى يرى عينيها .. فيجد الدموع تنهمر بغزارة من تلك العيون العسلية الساحرة ...

مسح بيده على وجهها ليزيل تلك الدموع .. وسألها " هل انتى بخير؟! " ... اخذها الى المستشفى و اصر ان يطمئن عليها و يعمل فحوصات شاملة حتى يتأكد انها بخير .. و بعد ذلك جلس معها فى تلك الغرفة بالمشفى ..

مروان : كدة يعنى تخضينى عليكى ؟؟
داليا : انا اسفة .. تعبتك معايا ..
مروان : ايه تعبتك معايا دى ؟؟ .. احنا مش صحاب ولا ايه ؟؟
داليا : صحاب طبعا .. بس بردو .. هو عشان اصحاب يعنى استغل ده واتعبك و اقلقك كدة ؟
مروان : ولا يهمك يا ستى .. المهم انتى كويسة .. بس ايه اللى حصل مرة واحدة كدة لقيتك بتجرى .. ومكنتش عارف السبب .. اناقولت حاجة تضايقك ؟!!
داليا : لا ابدا .. بس .. انا بس مش بحب الورد الاصفر ..
مروان : ورد اصفر؟!!
داليا : اه الشاب و البنت اللى كانوا على الطرابيزة اللى ورانا كان جايبلها ورد اصفر ... وانا مش بحبه ..
مروان : غريبة اووى .. بس ممكن اعرف السبب ؟؟ .. لو مش يضايقك يعنى !
داليا : لا عادى .. مش احنا بقينا اصحاب ؟ .. انا مش بحب الورد الاصفر اللى معناه " اسف" .. الورد ده كان بيجيلى مع كل غلطة بتحصل .. عشان يبقي سبيل لكلمة " اسف " اعتذار مؤقت و بعدها نفس الغلط يتكرر .. بس هى طريقة شيك اوى عشان اى حد يقول "اسف" ..
مروان : يااه .. شل جواكى كلام كتير اوووى .. كلام مش قادر افسره من عنيكى .. بس حاسس انه بيوجع اووى من نبرة صوتك ..
داليا : ااه .. بيوجع اووى .. بس عادى اتعودت عليه ..
مروان : هو ايه ده ؟!
داليا : الوجع !

* * * * * * *

تستيقظ "داليا" ذلك اليوم و هى تشعر براحة لم تاتيها منذ فترة طويلة .. ترتدى ملابسها سريعا .. وتخرج من خيمتها لتجد بعض المتسابقين قد بدأوا يجهزوا انفسهم لبدأ التحدى .. بعد ذلك بساعة تقريبا .. يبدأ التحدى و تبدأ "داليا" فى تسلق اول 100 متر من ذلك الجبل .. ثم تتوقف قليلا وهى تخشى ان تنظر الى اسفل .. وبعد ان تستجمع قواها تلتقط الصورة سريعا ثم تحاول ان تركز مرة اخرى وهى تتنفس بصعوبة .. ثم تتسلق مرة اخرى .. وكل مرة تلتقط بها الصورة تكون تلك اصعب مهامها .. وبعد التقاط 15 صورة .. اى صعودها 1500 مترا .. تشعر بضيق تنفس نظرا لسرعة الرياح التى تزداد كلما ارتفعت وازادت الامتار .. تكون هنا اصعب مشكلاتها هيا التقاط انفاسها و ازداد الامر سوءا فى محاولة التقاط الصورة السادسة عشر .. فاصبحت لا تقوى على النظر الى اسفل بسبب اضطرابها .. فهل تركز على التقاط الصورة ام التقاط انفاسها ..

بعد دقائق عديدة تستجمع قواها وتلتفت لالتقاط الصورة .. ولكنها تفقد توازنها و تكاد ان تسقط ولكن الحبل كان قويا كفاية حتى لا تهوى الى اسفل .. تسمع "مايا " صرختها من اسفل فتبدأ حركة غير عادية بين فريق عمل البرنامج .. محاولين اخبار الطائرات بالتحرك و اخبار الفريق الطبى و الفريق الذى يتسلق بجوارهم .. ولكن الرياح كانت قوية جدا فاندفعت "داليا" ناحية الجبل مرة اخرى و تلك المرة ترتطم بقوة الى الجبل .. تحاول ان تسيطر على حركتها وتشبث قدميها مرة اخرى الى الجبل و تمسك الحبل جيدا .. ثم تشير اليهم ان كل شئ على ما يرام .. بالرغم من الدماء التى تسيل على وجهها اثر ارتطام راسها .. تحمل اللاسلكى و تحاول ان تجيب على "مايا" .. و تخبرها انها بخير ولكن نقص الضغط الجوى اثر على تنفسها و اختل توازنها .. تخبرها"مايا" ان ذلك يكفى و ان تدع الفريق يساعدها .. ولكن "داليا" رفضت ذلك و اصرت على ان تكمل ..

بعد بضع دقائق .. لم تشعر "داليا" بنفسها .. و فقدت وعيها .. بدأ فريق المساعدة و الفريق الطبى بحركة سريعة جدا لمحاولة اسعافها .. فحملوها الى الطائرة التى اخذتها الى المشفى سريعاًً ...

الجمعة، 23 يناير 2015

The Challenge #3

الحلقة الثالثة :
* * * * * * *

بعد مقابلات عديدة و اختبارت و تجارب لاكتشاف مخاوف داليا من اى شئ , ظهر خوفها من الارتفاعات , يومها جاءت الىّ و اخبرتنى ان التحدى القادم هو تسلق قمة جبل ثم القفز من اعلى و استخدام المظلات , صرخت بوجهها , كيف تقبلين هذا , قد تموتين او يصيبك اى شئ , فخوفك من الارتفاعات قد يكون تحدى مناسب ولكنه تحدى الموت يا داليا , هل ستتحدين خوفك الى هذا الحد ؟ . انا لن اسمح لك بذلك .

بالطبع لا يسعنى شئ امام اصرارها سوى الموافقة , بالرغم من محاولاتى انا وكريس لاقناعها للعدول عن ذلك , ولكنها كانت عنيدة جدا , كفتاه فى الثالثة من عمرها تأبى ان تستسلم فى ان تترك لعبتها , ولكن هذه المرة ليست لعبة يا داليا ...

بعد اسبوع من التدريبات الشاقة على رياضة تسلق الجبال و آليات استخدام المظلات وكل ذلك , لم يكن مكان التحدى معروف بعد , فكل خطوة ولها وقتها , فى ذلك اليوم ذهبت داليا وحدها الى مكان المسابقة , اخبرتها " مايا " انها لا يجب ان تقابل اصدقائها ولا تتحدث معهم حتى موعد المسابقة والذى يكون بعد يومين , اعترضت داليا على ذلك واخبرتهم انه كان يجب اخبارها بذلك قبل بدأ التحدى , وانها لم تخبر حتى "مروان" وبالطبع سيقلق عليها , فطلبت منهم على الاقل ان تقابله ذلك اليوم فقط , وافقت "مايا" بعد الحاح شديد من "داليا" .

وجدتها تتصلت بى وتخبرنى انها ستظل فى موقع التدريب يومين دون ان تتحدث اليّ او ترانى , وان ذلك من قوانين التحدى , ولكنها ستخبرنى بالمكان التى تسافر اليه لتسلق الجبال قبلصعودها على الطائة مباشرة , لان ذلك الوقت الذى سيكون متاح لها ان تتحدث فى الهاتف و سينتهى الحظر على هاتفها , لا اعلم الى اين تأخذنا تلك المسابقة يا "داليا" ؟ , فكل مدى تزاد غرابة وسوءاً .

كنت قلقا جدا عليها , لا اعلم عنها شيئا ولم اعتد على ذلك منذ ان تقابلنا , كل يوم تزداد المسافات بيننا , اصبحت اخاف حقا من تلك المسابقة التى اجتاحت حياتنا لتشعلها بنار الفراق بعد ان كانت هادئة جدا .

اتذكر جيدا ذلك اليوم , كنت احمل هاتفى منذ ان استيقظت , كنت اعلم انه ستتصل بى , فاليوم موعد التحدى , ترى لماذا تاخرت فى الاتصال بى ؟ , هلى يمكن ان تكون صعدت الى الطائرة وبدأت التحدى دون ان تتصل بى ؟ , اخذتنى رنة هاتفى من شرود تفكيرى لاعودة مرة اخرى الى ارض الواقع , كانت هى تتصل بى , وكنت انا متلهف جدا لاسمع صوتها .

مروان : حبيبتى ..
داليا : وحشتنى اووى .
مروان : وانتى كمان وحشتينى جدا , عاملة ايه ؟
داليا : انا كويسة الحمدلله , بس مفيش وقت للكلام دلوقتى , انا كنت ببلغك بمكان التحدى , جبل مون بلون على الحدود بين ايطاليا وفرنسا .
مروان : انتى مجنونة , تسلق الجبل ده اشبه بالانتحار يا داليا , ليه بتعملى ف نفسك كدة ؟
داليا : انا لازم اقفل دلوقتى , هشوفك بعدها .. سلام ...
مروان : داليا .. الو .. الو ..

كنت كالمجنون بعد تلك المكالمة , لا اعلم ماذا افعل , كيف يمكننى منعها ؟؟ , بعد ان هدأت قليلا حملت هاتفى واتصلت بالمطار , وحجزت على الرحلة التالية بعد نصف ساعة , ركضت الى المطار وانا لا افكر الا بها .

-----

فى الجانب الاخر على الطائرة المتجه الى جبل مون بلون (Mont Blanc) , تحاول داليا اغماض عينيها حتى لا ترى الارض تحتها , تاتى " مايا " تجلس بجوارها , و تخبرها بالتفاصيل , و من سيكون معها من المتسابقين و ان هناك فريقا طبيا سيكون معهم , و تخبرها ان التحدى ليس فى سرعة الوصول او التسلق التام , ولكن فى تحدى خوفها من الارتفاع فيجب ان تنظر حولها و تلتقط صورة للارض كل 100 متر , و التحدى سيكون باكبر عدد من الصور اى اقصى ارتفاع يمكن ان تصل اليه , و سيكون معهم فريق مدرب جيدا سيتسلق الى جوارهم حتى يضمنوا سرعة الوصول لها فى حالة حدوث اى شئ .

كل ذلك هدأ قليلا من روعتها, فتنفست الصعداء واعادت ظهرها الى الخلف و اغمضت عينيها قليلا , تلك المرة لم يكن خوفا من ان ترى الطائرة محلقة ف الجو , ولكنه كان تعبيرا عن راحتها نوعا ما , وتفكيرها بـ كل ما حدث وما سيحدث بعد ذلك .

تهبط الطائرة بمكان بعيد عن الجبل , و يسير المتسابقون وفريق العمل الى موقع التسلق , و يتم اخبارهم انهم سيخيمون تلك الليلة هناك لان الشمس على وشك الغروب وسيكون من الصعب التسلق ليلا , يبدأ المتسابقون بنصب خيامهم , ثم يتجمعون جميعا حول حلقة من النار , و لكن كل متسابق يجلس برفقة شخص من فريق العمل ليتم عمل اختبار اخر و طرح عدة اسئلة لتحديد المستوى القادم من التحدى .

تبدأ "مايا" بتوزيع فريق العمل على المتسابقين وتختار هى ان تتحدث الى "داليا" وتعلل ذلك انها فتاه عربية و سيكون الحديث بينهم بالعربية , كمان انها تريد ان تسألها عن مواضيع معينة لتحديد المستوى القادم من التحدى و الذى سيكون مختلفا لكل شخص منهم , ولن يشترك متسابقين بنفس التحدى .

فى تلك الاثناء يهبط "مروان" من الطائرة , يحمل هاتفه سريعا و يتصل بــ "داليا" , يخبرها انه وصل الى ايطاليا , وانه سياتى اليها , ولكنها تخبرها ان لا ياتى , وانها ستلقاه فى الغد بالفندق , وجعلتها يوعدها انه لن يحاول ان يراها الا بعد ان تنتهى من ذلك التحدى , لم يكن بيده شيئا سوى الموافقه على كلامها , وجعلها تعده ان تحافظ على نفسها وان لا تحمل نفسها ما لا طاقة لها به .

تجلس "مايا" مع "داليا" وتحمل فى يدها كاميرا لتسجل كل كلمة بينهما ..

مايا : ايه .. داليا .. خبرينى امتى اجيتى عـ انجلترا ؟
داليا : من تسع سنين تقريبا .
مايا : و تركتى اهلك بمصر ؟
داليا : والدى توفى وانا عندى 9 سنين , و بعدها والدتى اتجوزت وكملت حياتها , ومكنش عندها اعتراض انى اعيش ف انجلترا .
مايا : عندك اخوات هناك ؟
داليا : عندى اخ واحد من والدتى ..
مايا : و لشو اجيتى عـ اوروبا ؟
داليا : لما اتخرجت حبيت اكمل دراستى برا مصر مش اكتر .
مايا : متاكدة ان هاى هوالسبب الوحيد الى خلاكى تتركى مصر وتيجى لهون ؟! , يعنى ليش ما رجعتى عـ مصر بعدها ولا مرة ؟ , اللى بعرفه ان امك هى اللى اجت عـ اوروبا حتى تشوفك , انتى ولا مرة سافرتى عـ مصر من تسع سنين .
داليا : هرجع مصر ليه ؟ , انا شوفت والدتى وهيا بتيجى لندن وبقابلها .
مايا : ايه .. بس ليش ف هاد الوقت بالذات اجيتى على اوروبا ؟ .. يعنى انا بعرف انك اجيتى بعد تخرجك و بعد ما بدأتى تعملى بمستشفى بالقاهرة .. ليش ف هاى الوقت بالذات ؟
داليا : عادى , انا مكنش فى حاجة ف مصر عشان افضل عشانها .
مايا : ما كان عندك حبيب هناك ؟
داليا : ... ايه ... لا ... ممكن نغير الموضوع ده ؟
مايا : لا .. ما بنغيره .. بدى اعرف كل شئ عن سر هروبك من مصر ؟
داليا : انا ما هربتش من مصر .. اللى بيهرب بيسافر من غير ما حد يعرف وانا اهلى عارفين انى هسافر .
مايا : بس هربتى من شى تانى ؟ ,, مو قصدى هربتى من اهلك , بس هربتى من وضعك ؟ , او هربتى من حبك ؟ .. خبرينى . كان عندك حبيب هناك ؟
داليا : .. ااه .. كان عندى ..
مايا : خبرينى كل التفاصيل ؟
داليا : ده موضوع قديم اوى , وعدى من زمان , ليه عايزة تعرفيه دلوقتى ؟
مايا : بندردش مع بعضنا شو فيها ؟
داليا : بس انا مش حابة اتكلم ف الموضوع ده ..
مايا : طيب خلينا ما نتكلم على الموضوع نفسه .. هو مروان يعرف هاى الموضوع ؟
داليا : اه .. عارفه .
مايا : يعنى انتى حكيتيله ياه بعد ما ارتبطوا ؟
داليا : لا من اول ما عرفنا بعض , بصى .. من الاخر .. مروان ساعدنى كتير انى ارجع طبيعية تانى , انا كنت جاية فعلا متدمرة بسبب حب قديم , مروان عرفنى وانا تايهة و هو اللى وصلنى للطريق الصح , ساعدنى ووقف جمبى , وكان كل حاجة بالنسبالى . الصديق و الاب و الاخ وكل حاجة ..
مايا : وليش مو الحبيب ؟
داليا : انا مكنتش بفكر ف مروان بطريقة الحب ابدا , دايما واثقة فيه اكتر من نفسى بتعامل معاه وانا مش خايفه انه يفهمنى غلط , كان صاحبى بجد
مايا : انتى بتحبيه لمروان ؟\
داليا : اكيد , اينعم انا عارفة ان الصداقة هى اللى غالبة على علاقتنا بس انا فعلا ما اقدرش اعيش من غيره . حبنا من نوع تانى , نوع اتبنى عالاحترام والثقة من غير اى مقابل .
مايا : طب احكيلى عن هاى الشخص بمصر .. حبيبك الاولانى .. ليش تركتوا بعضكن ؟
.
-------------------
جلست فى تلك الليلة بالفندق اتمنى ان يمر البوقت سريعا حتى ينتهى ذلك التحدى وتعود "داليا" الى احضانى مرة اخرى , كنت خائف من التحدى القادم . اخاف ان يكون التحدى القادم هو الفراق , فانا اعلم انه اكبر خوفها , وانا لن اتحمل ان يحدث هذا , لا اريد ان افارقها يوما ...

الخميس، 22 يناير 2015

The Challenge #2


الحلقة الثانية 
* * * * * *
بعد مرور اسبوع بدون اى اخبار عن تلك المسابقة , كنا نجلس فى شقة داليا , ومعنا بعض الاصدقاء , وجاءت مكالمة مفاجئة , فى بدايتها ارتسمت ملامح السرور على وجه داليا , ثم اختفت ابتسامتها تدريجيا , و اخذت اسئلتها تتكاثر بعد ان كانت مستمعه فقط و تجيب بـ " yes " ..

بعد ذلك جلست فى ذهول و قصت علينا ما حدث , قالت انه تم قبولها فى المسابقة , و لكن يجب ان تكون " Single " وهذا هو التحدى الاول , ان تنهى عقد زواجها مؤقتا ...

كانت ملامح الصدمة ما زالت مرتسمة على وجهها الجميل , لم تتخيل ان ذلك سيكون تحديها الاول , فهى لن تنسحب من البداية , ولكنها بالطبع لا تريد ان تنفصل عنى , ولكن ما كان يشغل بالها ما العمل ؟! , كيف يمكنها ان تظل فى المسابقة و تظل على ذمتى ايضا ؟!!

مروان : داليا ؟! , ايه قرارك ؟!

داليا : مش عارفة يا مروان , انا مش قادرة افكر , انا مكنتش متوقعة حاجة زى دى , و كان هدفى انى اكون عملت كل حاجة انا عايزاها قبل ما نتجوز , مش اننا نتطلق !!

مروان : طيب خلاص اهدى بس , وما تفكريش ف حاجة دلوقتى .
كريس : مروان عنده حق يا داليا , انتى لازم تهدى , المسابقة دى مش نهاية العالم يعنى ؟! , صح ؟!
داليا : اه , انتى عندك حق .
كريس : احنا هنسيبك دلوقتى تهدى شوية مع نفسك , حاولى تنامى انتى شكلك تعبانة .

ينسحب الجميع من الشقة وابقي انا مع داليا لبعض الوقت , اجلس بجوارها فى صمت , و بالرغم من الصراع القوى داخلها كانت تحاول الحفاظ على هدوءها الخارجى , فظلت متماسكة لبعض الوقت , حتى نظرت الى نظرة مطولة كانها تحاول نحت صورة لى فى مخيلتها .

داليا : انت قلقان ؟!
مروان : من ايه ؟! , من انك تقررى اننا ننفصل مؤقتا ؟! , لا الموضوع ده مش قالقنى , عشان زى ما قالوا ده مؤقتا واكيد احنا مش هنعمل حاجة مش عايزينها , بس خوفى من اللى جاى لو قررتى تشتركى واتفقنا اننا نلغى عقد زواجنا مــؤقــتــا , ده اول تحدى ! , طيب اللى بعد كدة هيكون ازاى ؟! , وخايف لو انتى قررتى ما تشتركيش ف المسابقة وترفضى التحدى تندمى انك ما حققتيش كل اللى بتتمنيه وانا وعدتك انى هخليكى تعملى كل الى انتى عايزاه طول ما احنا مع بعض .

داليا : انا ما بصتش للموضوع كدة ! , ممكن اكلم مروان صاحبى مش جوزى

مروان : اكيد .. خلينا نلغى للحظة السنة الى فاتت دى كلها , انا وانتى اصحاب , اقرب اتنين لبعض , و قوليلى كل حاجة جواكى , انتى عايزة ايه ؟! , من غير ما تفكرى ف اى حد تانى .
داليا : مش عارفة , انا بفكر ليه التحدى ده بالذات ؟ ليه دلوقتى لما قررنا انتا خلاص بعد الفترة دى هنتجوز ؟! , ايه لسه فى حاجة ماشوفتهاش او ما عشتهاش و ده وقتها ؟
مروان : ممكن , بس خايف ده يبعدنا عن بعض .
داليا : وانا عمرى ما هبعد عنك , دا انت الايد اللى سندتنى ف عز حاجتى و ضعفى , ازاى اسيبك احنا ارتبطنا عشان نكمل بعض , احنا كل حاجة بالنسبة لبعض و ما كانش ناقصنا غير اننا نتجوز .
مروان : وافقى يا داليا , كصديقك واجب عليا اقولك وافقى , وافقى عشان نفسك و بس انتى محتاجة التحدى ده , انا واثق فيكى .
داليا : بس .. انت عارف ده معناه ايه ؟
مروان : عارف , انا بكرة هروح السفارة و الغى عقد الزواج مؤقتا . احنا هنفضل زى ما احنا كل الحكاية اننا بس هنقطع الورقة اللى بينا , ومش الورقة دى هيا الى هتقولنا نعرف بعض او لا !!
داليا : انت متاكد من انك مش معترض على الموضوع ده ؟
مروان : لا يا حبيبتى , مش معترض , بس بقولك ايه , انا مش هسمحلك تبعدى عنى مهما حصل , ومش هسمح ان يجى يوم ما نكونش عارفين فيه بعض .

قفزت فى تلك اللحظة الى حضنى , وضمتنى بقوة , و همست الىّ " بحبك " , لم تكن علاقتنا ببعضنا كهذا فى السابق ., بل حتى حديثنا لم يتعد الصداقة بعد , فلا تردد الىّ كلمة احبك او اشتاق اليك ولا اى من كلام الحب و الغزل , و لا اتذكر انها نادتنى مرة بـ " حبيبى " او شيئا كهذا , فهل ذلك الانفصال المؤقت يجعلها تقترب اكثر الىّ ؟! هل ذلك فى صالحنا ؟! , هل ادركت انها لا تستطيع ان تبتعد عنى فعلا وتحاول ان تعبر عن كل ما بداخلها الان ؟! , ام انها تحاول ان تطمئننى مؤقتا , كانفصالنا المؤقت ؟! , هل تحاول ان تكسبنى فى صفهاالان حتى لا تفقد الزوج و الصديق فى آن واحد .

هناك شيئا فى الطب يدور حول اكثر لحظات النشاط و الذروة و النشوة للحياه , وهى فترة قصيرة تأتى بعد الغيبوبة التى يعتقد البعض ان لا امل بها وان المريض سيموت فى نهاية المطاف , و فجأة و بعد فقدان الامل يفيق المريض ليتعامل كانه لم يكن مريضا ابدا , ولكن ليس ذلك ما يقلقنى , ولكن ما يحدث فى غرفة العناية المركزة بعد ذلك ان المريض يموت حقاَ , ولكنه يكون كمن قرر ان لا يموت مريضا ولكن يشعر فى لحظاته الاخيره انه فى افضل حالاته , كمنحنى بيانى يجب ان تصعد مؤشراته الى اقصى درجة حتى تهبط الى اسفل نقطة , فكنت اخشى ان تكون تلك التصرفات هى مجرد فيضان ما قبل الركود , و بعد ذلك ينتهى كل شئ بيننا .

------------

فى كواليس البرنامج ..

مايكل : انتى ليش قولتى لهاى المتسابقة انها تطلق ؟
مايا : مشان انا بدى ياها ف المسابقة
مايكل : بس ليش ؟ , اشمعنى هاى البنت بالذات ؟
مايا : ليك فكر فيها , هاى البنت عربية , دكتورة جراحة مقيمة بلندن , شو القصة وراء هاد , وليش بعد ما اتزوجت هاد الشاب , فى شى عم يمنعها , و فى شى وراء هروبها من مصر بلا عيلتها , يعنى هى شخصية ناجحة كتير , شو اللى يدفعها انها تترك كل شى وراها و تيجى لهون , شو سر خوفها من مصر , يمكن خوفها انها ما تنجح هناك , يعنى خوفها من الفشل ؟!
مايكل : طب حتى واذا كان خوفها من الفشل , هاد ما خوف حقيقى , يعنى لشو بدنا نتحداها ؟ , نتحداها لتفشل ؟
مايا : ايه , بالضبط هيك , نتحداها لتعمل كل شى حتى ما تفشل , و الشى الى توقعته صح حتى علاقتها ياللى دامت عشر سنين تقريبا كسرتها , لانها كانت خايفة من انها تخسر التحدى الاول , مشان هيك خبرتها انه تحديها الاول . , هاى شخصية كتير ذكية وما تقبل ان يكون فى شى مستحيل بالنسبالها .

-----------------------

بعد مقابلات عديدة و اختبارت و تجارب لاكتشاف مخاوف داليا من اى شئ , ظهر خوفها من الارتفاعات , يومها جاءت الىّ و اخبرتنى ان التحدى القادم هو تسلق قمة جبل ثم القفز من اعلى و استخدام المظلات , صرخت بوجهها , كيف تقبلين هذا , قد تموتين او يصيبك اى شئ , فخوفك من الارتفاعات قد يكون تحدى مناسب ولكنه تحدى الموت يا داليا , هل ستتحدين خوفك الى هذا الحد ؟ . انا لن اسمح لك بذلك .

بالطبع لا يسعنى شئ امام اصرارها سوى الموافقة , بالرغم من محاولاتى انا وكريس لاقناعها للعدول عن ذلك , ولكنها كانت عنيدة جدا , كفتاه فى الثالثة من عمرها تأبى ان تستسلم فى ان تترك لعبتها , ولكن هذه المرة ليست لعبة يا داليا ...

الأربعاء، 21 يناير 2015

The Challenge #1

الحلقة الاولى :
* * * * * * *
امرأة و رجل فى منتصف الثلاثينات , تجلس امامه فى هدوء تام كـ لحظات الغروب على ضفتى نهر النيل , و لكن الفرق ان المكان لم يكن فى مصر , بل كان فى لندن عاصمة انجلترا .

داليا : عشان خاطرى .. انا مش عايزة اعمل حاجة انت مش راضى عنها ؟
مروان : ......

و عادت مرة اخرى لاستنزاف مشاعرى بتلك النظرة البريئة التى لطالما عشقتها , حين تضم شفتيها فى حركات رقيقة لتبدأ بالعض على شفتها السفلى كفراشة صغيرة لا يسعها سوى ان تنظر إلىّ فى براءة لتحاول اقناعى بـ اى شيء .. و لا يسعنى سوى ان اضعف امام رقتها واصبح طوع يديها , فهى طفلتى المدللة التى لا يمكننى ان ارفض لها شئ .. فلا افعل شيئاً سوى ان ارجوها ان تتوقف عن تلك النظرات , ان تتوقف عن اثارة احساسى و تحفيز قلبي على ان ينبض حبا لهاً .. فـ كفى يا حبيبتى لا يمكننى تحمل ذلك الجمال و البراءة التى ترتسم على وجهك .. سأفعل ما تشائين ..

مروان : خلاص , موافق .

.

نسمع دائما عن تلك المسابقات التى يكون بها نوعا من المنافسة , فهى برامج يتم عرضها لجمع الاموال والارباح لالنها غالبا ما تكون ذات نسبة مشاهدة عالية , و لكن تلك المرة لم يكن تحدى حيث يتنافس المشاركون للوصول الى خط النهاية , ولكنه كان تحدى للنفس , تحدى للوصول الى اقصى درجات الثقة وتحدى الخوف من اى شئ .

عندما علمت "داليا" بذلك البرنامج اللبنانى و انه سيقوم بعمل اختبارات للتقديم فى بريطانيا الاسبوع القادم , جاءت ترجونى ان اوافق على ذهابها , كنا مرتبطين جدا ببعضنا , فلم اكن زوجها فقط , بل كنت الصديق قبل كل شئ , كنت انا المسئول عنها هنا فى لندن , على الرغم من عدم اكتمال زواجنا , فكان كل منا يعيش فى شقته الخاصة , ولكنها اصرت على اتمام عقد الزواج ليصبح مقبولا بالنسبة لها ان نلتقى فى اى وقت دون خوف , على الرغم من وجودها بأوروبا الا ان قلبها و عاداتها مازالت متعلقة بمصر , حينما جاءت والدتها منذ ثلاث اشهر اصرت داليا على الذهاب الى السفارة المصرية لعقد زواجنا , ثم فى الاجازة القادمة نجز لعرس كبير حتى يحضره كل اقاربنا , فلم ترد ان تتزوج وحيدة فى بلاد غريبة عنها .

.

فى كافيتريا باحد ارجاء لندن , تجلس داليا ومعها مروان , وامامها فنجانيين من القهوة , و المطر يهطل خلف ذلك الجدار الزجاجى , و تضع داليا اصبعها حول الفنجان وتستمر فى حركته عند الحافة فى حركات دائرية , وتحمل فى يدها الاخرى الهاتف ..

داليا : Kris , Where Are U ؟
كريس : خلاص انا ف لوتن ( مدينة شمال لندن ) , ما تقلقيش هكون معاكى النهاردة انا خلاص قربت اوصل لندن , ووعدتك انى هروح معاكى بكرة .
داليا : Okay , هستاكى فى الشقة . Bye .

.

داليا : بتقول انها ف لوتُن , و هتوصل وتطلع على الشقة عندى .
مروان : انتى قلقانة ليه ؟ , لسة التقديم بكرة , و بعدين انا مش فاهم ليه المسابقة دى مهمة اوى بالنسبالك ؟
داليا : عشان عايزة اتاكد انى عملت كل حاجة انا عايزاها , مش عايزة تعدى عليا لحظة اندم ان فى حاجة ماجربتهاش , و فكرة البرنامج ده عجبتنى , حسيت انها جت دلوقتى عشان تقولى فوقى لنفسك , و اخرجى من القوقعة دى , عايزة اجرب حاجة جديدة , خلاص كلها شهرين ونتجوز , هبقي معاك على طول , انت ليه خايف دلوقتى انى اشترك ف المسابقة دى ؟
مروان : انا مش خايف عشان المسابقة , بس خايف وانتى بتدورى على نفسك تضيعى منى .
داليا : مش هيحصل , اطمن , انا لازم امشى دلوقتى , اتاخرت على المستشفى , انت مش هتروح المستشفى النهاردة ؟
مروان : هروح بس مش دلوقتى , معنديش عمليات قبل الساعة 6 .
داليا : Ok .. انا همشى , Bye.

.

كنا جراحين , هى فى جراحة العظام وانا فى جراحة المخ والاعصاب , التقينا منذ تسع سنوات بباريس , كانت سنتى الاولى بعد الحصول على الدكتوراه فى جراحة المخ و الاعصاب , وكانت هى متدربة حديثة فى الجراحة , اصبحنا صديقين , لم تكن كما هي الان , بل جاءت الى اوروبا هاربة من مشاكلها بمصر , كانت محطمة نفسيا , ولكن ارادتها قوية جدا للنجاح واثبات مكانتها , اكملت دراسات الجراحة فى فرنسا , ثم جاءت الى لندن للاقامة الدائمة , و شاء القدر ان نعمل معا فى نفس المشفى , كنا دائما معا " صديقين الى الابد " اخبرتنى عن ادق تفاصيل حياتها و عائلتها , كنا صديقين بحاجة الى بعضنا فى كل شئ , و بعد صداقة دامت ثمان سنوات , قررنا ان يكمل كل مننا الاخر بالزواج , فلم نكن بحاجة الى ادخال شخص اخر بيننا , بل كنت انا وهي لا ينقصنا شيئا سوى الزواج , و بدلا من التعرف على اشخاص جدد قررنا ان نتزوج , ولا انكر اننى احببتها اكثر من مجرد صديقة و تمنين فى يوم من الايام ان تكون زوجتى .

اما عن " Kristina " او كما ندعوها " Kris " فهى صديقتنا الثالثة , التقينا بها منذ سبع سنوات فى مؤتمر للجراحين وكانت هى تغطى اخبار ذلك المؤتمر , فهى اعلامية ناجحة جدا , جاءت من لبنان الى شفيلد ( مدينة فى منتصف انجلترا ) مع عائلتها , ثم انتقلت الى لندن العاصمة بعد عملها بالاعلام , فهى تسكن انجلترا منذ ان كانت فى التاسعة من عمرها , لذلك اعتادت على العيش فى اوروبا و اعتبرتها موطنها الاصلى .

.

وجاء اليوم الذى انتظرته " داليا " التقديم للمسابقة , كانت الاختبارات غريبة جدا , ليست كاى مسابقة , فكان شرطا وجود اقرب الاشخاص الى " المتسابق " , و لم تكن الاختبارات تدور حول المتسابق فقط بل كانت تخص رفاقه اكثر منه , فجلست داليا فى غرفة منفصلة و جلست انا و كريس فى غرفة اخرى ليتم مناقشاتنا و طرح اسئلة عديدة عن " داليا " .. ماذا تحب ؟ , وماذا تكره ؟ , حياتها ؟ , خوفها ؟ , وكل شئ . حتى عن طبيعة علاقتنا معها ؟.

بعد انقضاء ذلك اليوم , عادت "داليا" منهمكة جدا الى شقتها , فنامت و هى تتمنى ان تستيقظ فى مكان آخر , بعد مرور اسبوع بدون اى اخبار عن تلك المسابقة , كنا نجلس فى شقة داليا , ومعنا بعض الاصدقاء , وجاءت مكالمة مفاجئة , فى بدايتها ارتسمت ملامح السرور على وجه داليا , ثم اختفت ابتسامتها تدريجيا , و اخذت اسئلتها تتكاثر بعد ان كانت مستمعه فقط و تجيب بـ " yes " ..

بعد ذلك جلست فى ذهول و هى قصت علينا ما حدث , قالت انه تم قبولها فى المسابقة , و لكن يجب ان تكون " Single " وهذا هو التحدى الاول , ان تنهى عقد زواجها مؤقتا ....

* * * * * * 


السبت، 4 أكتوبر 2014

مس جنون

مس جنون ....
* * * * * * 
كانت تلك المرة الاولى التى تحمل الىّ ازهارا , باقة من الورود الحمراء و البيضاء تماما كما احبها انا , كنت تعبر الطريق نظرت فى الجهة المقابلة و جدتها هى , فتاتك التى كُتبت على اسمك , و فجأة تحول كل شئ امامى الى سواد قاتم , أخر ما جاءت عليه عيناى هو مشهد الدم الذى سال من حولك و كنت غارقا به , وقعت مغشيا علىّ , و لا أعلم ما الذى حدث لك ..

الحب بيننا ,, شئ صادق مختلف تماماً , و كانت الحياه بيننا اشبه بالجنون , احبك و تحبنى و لكن لا نعترف بذلك علناً و هى ايضا تحبك و انت تحبها و لكن المجتمع يعترف بعلاقتكما , دائرة الحب الثلاثية التى لطالما اعتدنا عليها فى الروايات , و لا اعلم كنت انا المظلومة ام انا الفتاه التى ظلمتك بحبها لك . , لا اعلم شيئا سوى اننى احبك بل اعشقك , قبلت بذلك الوضع لانه معك انت , أخفيت ما بقلبى و قبلت ان نصبح اصدقاء .

أصدقاء ؟!! , و لكن كيف يتحول الامر فجأة بيننا ؟! , كلما تقابلنا ننسى اننا مجرد أصدقاء , و كأن روحنا عالقة بلحظات أخرى , كأن الزمن توقف عند تلك اللحظة التى تجمعنا , و كأننا نلتقى فى عالم آخر , عالم انت فيه مِلكى أنا وحدى , لا أحد يشاركنى بك , كان ذلك عالمى المفضل , لذلك كنت دائما اتشوق رؤيتك لزيارة ذلك العالم الذى تحوم به روحنا .

أصبت بالجنون , كنت فى المشفى تائهة لا ادرى فى اى زمن نحن و  لا حتى فى اى مكان , كلما سمعت اسمك أصب جم تركيزى على الكلام و اتحدث بكلمات غير مفهومة , كنت اذكر مواقف اخرى من حياتنا , كأننى انفض من عقلى مشهد الدم و حقيقة انك انت من كان مغطى بدمائه امامى .

يوم أتى الىّ صديقك ليخبرنى انك فى حالة خطرة كنت اتفوه بكلمات مبهمة ..

حسام .. اين هو ؟ , لما لم ياتى لزيارتى ؟ . كيف يعلم اننى مريضة ولم يسال علىّ , ربما كان منشغلا , او ربما قد اتته سفرية مفاجئة , و لكن اجازته بدأت امس من المفترض ان يقضى ذلك الشهر فى اجازته معى , او مشتتا بينى و بينها , و لكن لما لم يتصل بى ؟ , اهو بخير ؟

و كان رد صديقك على اسألتى المتلاحقة ايماء الشفاه و تبادل نظرات الشفقة بينه و بين الطبيب الذى يتابع حالتى , أصبت بالجنون , صدمة عصبية حادة نتيجة لرفضى الواقع الذى يجتاح حياتنا الان , فعقلى يأبى ان  يعترف بحقيقة انك مصاب بأى أذى , فقد كنا امس سويا و اليوم تفرقنا الطرقات .

افقت انت من غيبوبة دامت خمسة ايام و كسور منتشرة فى انحاء جسدك لم تتعافى بعد , لم تتحدث الى احد فقط ذكرت اسمى و لم تذكر معه اى تفسير , فقط كنت تردد اسمى بالرغم من انك لم تكن فى كامل وعيك و لكن ربما كان قلبك هو من يتحدث لانه ان تحدث عقلك سيخبرك ان تسال عليها هى و ليس عنى انا .

عندما جاءك صديقك سالته عنى و كررت السؤال اكثر من مرة

" اين هى ؟ , هل حدث شئ لها ؟! . . كيف تعلم اننى فى هذا الوضع ملقى بالمشفى و لم تاتى لزيارتى ؟؟!! كيف تعلم اننى بحاجة لها ولا تأتى الىّ ؟! , اعتادت ان تشعر بى دون ان اتحدث , لا تغفل عيناها و انا مستيقظ ابدا , لا تفعل شيئا إلا و أخبرتنى به , و لا تنقضى اجازة إلا و كانت هى الوحيدة التى اتتوق شوقا لرؤيتها , كانت هى روحى التى تنبض فى تلك الحياه , هل حدث شيئا لها ؟ , هل هى بخير ؟ , اجبنى ؟ "

عندما علمت انه اصابنى مس الجنون اخذت تصرخ , كنت مُصر على ان ترانى , اردت ان تاتى الىّ , كنت تتحدث فى همجيه شديدة تصرخ بكل من حولك و لا تستمع لاحد , اما انا فقد رفضت ذلك الواقع و عدت للخلف بذاكرتى و حذفت مشهد الدم منها , كنت انتظرك ان تاتى من اجازتك فاستقبلك بباقة الورد و قطع الحلوة التى اعدتها خصيصا لك , كنت انتظر ان تضغط على يدى و تحتضنها كانك تخبرنى انك بخير و تطلب منى ان اعتنى بنفسى فى غيابك , كانت لمستك لاصابعى اخر مرة منذ ثلاثة اشهر تقريبا , قبل ان تسافر مباشرة كنت اودعك فى موقف الاتوبيس , حملت يدى بين كفيك و ضغطت عليها و انت تنظر فى عينى , اخبرتنى انك تحبنى , اخبرتك انى ساظل احادثك حتى تصل الى موقع عملك كنت تطلب منى ان اذهب الى النوم و لكن كيف انام و انت ما زلت مستيقظ , كيف ينام جسدى و روحى معلقة بك ؟

فى اليوم التالى جائنى صديقك , اخبرنى انك بحاجة لرؤيتى , اخبرنى انك فى المشفى , لم اصدقه , اخذت اصرخ و اصرخ , وضعت يدى على اذنى و انتفض جسدى فى فزع شديد , كنت اردد كلمات ارعبتنى و جعلت دموعى تنهمر بغزارة .

" انه بخير , لم يحدث له شيئا ,  و لكننى رايته و هو غارق فى دمائه , لا لم يصبه شيئاً ! , هو بخير , لا ليس بخير ,  كيف يعلم اننى هنا مريضة و لم يأت لزيارتى , لم يتصل حتى بىّ ؟ , كيف ؟؟!! , اعتدنا ان نتصل ببعضنا يوميا , حتى حينما يكون منشغلا جدا يرسل إلىّ رسالة نصية يخبرنى انه بخير,  مر اسبوع و لم يتصل بىّ , اصابه مكره .. من المؤكد اصابه مكروه . لا لا , لم يحدث له شيئا . "

أخذت أصرخ و أصرخ و لا أعلم ما اتفوه به , هل انت بخير و خيالى هو من نسج مشهد الدم , أم ان ذلك حقيقة و عقلى يرفض أن يصدقها , قلبى لا يتحمل حقيقة انك بعيد عنه .

اصطحبنى صديقك و ابى اليك , أخبرونى انك تنتظرنى فى نفس المكان عند موقف الاتوبيس , و لكنهم اخذونى الى مستشفى , بمجرد ان وصلنا الى تلك المستشفى تيبس جسدى , وقفت و ارتعش جسدى " لما يحملانى إلى هنا ؟! , فأنت تنتظرنى , من المؤكد انك وصلت الى القاهرة الأن " , اخذت أصرخ و انا اتشبث بذراع والدى , اخبرنى انك بخير و لكنك تريد رؤيتى , كنت كالتائهة , وجدت والدتك تقف أمامى , أخذت تنظر إلىّ متعجبة من تصرفاتى , كنت غريبة الاطوار , عندما سَألتنى عن احوالى لم اجبها كما يجب , قلت لها " حسام سياتى اليوم , تحدث معى صباحا و اخبرنى انه على وشك الوصول الى القاهرة , ساذهب لانتظاره , اريد ان اكون اول من يراه " .

و بعدما اخبرها صديقك بما حدث لى و ان الجنون اصابنى انهمرت دموعها على حالى و حالك , لم تكن تتوقع اننا نحب بعضنا الى هذا الحد , كنا نكابر و نقول اننا مجرد صديقين فقط و ما تخفيه قلوبنا يختلف تمام عن واقعنا كان كل منا يملك حياه خاصه به , انا مع وحدتى و دراستى و حياتى و انت بين عملك خارج القاهرة و خطيبتك و عائلتك , و كنا اصدقاء , فقط اصدقاء و لم يعترف اى منا بحبه للاخر , و لكن عندما تحدث القلب تحدث بما لا تهواه العقول .

حملت نفسى و دخلت الى غرفتك , كنت نائماً و هناك انابيب صغيره شفافة متصلة باوردتك , اقتربت اكثر , لا اعلم كيف شعرت بوجودى فنظرت الىّ و ابتسمت , وجدتنى القى بفسى فى احضانك , اخذت ابكى و انا اتفوه بكلمات غير واضحة , رفعت راسى و وضعت يدك على فمى , اخبرتنى ان اصمت , لا حاجة للكلام الان فقلوبنا وعيوننا تتحدث , تحسست وجهك كاننى أراك للمرة الأولى , ثم ساد الصمت بيننا , فقط تلك النظرات التى تعبر عن كل شئ , و الدموع التى تنهمر من عينانا كأنها تخبرنا انها مجرد لحظة و ستنتهى عاجلاً ام آجلاً .

ما أصعب الحب حين يصبح الاعتراف به شيئا مستحيلا , و لكن ربما تعترف القلوب بما لا تهوى العقول  
مرت ايام و تعافيت انت و اعدت انا الى صوابى , اخبرتك ان كل شئ يجب ان يعود كما كان , انت تعود الى حياتك و انا اعود الى حياتى , و نعتبر ما حدث مجرد مس جنون ..

فهذه هى حياه الواقع التى نعيشها , و انا لن ارضى ان اظلمها معى و لن اظلمك , نعم احبك و ربما تكون المرة الاولى و الاخيرة التى ساعترف لك باننى اعشقك,  و لكن الحب لا يعنى الانانية , يكفينى ان اراك سعيدا و مرتاحا فى حياتك و ساكون سعيدة .


هكذا هيا حياتنا مجرد لحظات جنون , لقاءنا جنون و قربنا جنون و حبنا جنون , حتى فراقنا مجرد مس جنون 

حنان محمد