السبت، 25 يناير 2014

لا تتركنى #2

الحلقة الثانية
*********

خالد : بس انا مش عايز الكتب الكتير دى .. انا عايز روايتك انتى .. رواية نهى الصرفى
نهى : ............
خالد : انتى مرتبطة يا نهى ؟؟
نهى : ...................
خالد : لو السؤال مضايقك ممكن ما تجاوبيش
نهى : مش حكاية مضايقنى او لا .. بس متوقعتش السؤال ده خالص
خالد : ليه ؟؟
نهى : يعنى غريبة .. انا بقالى كتير جدااا ما فكرتش ف الكلمة دى .. و الارتباط ف حد ذاته كمان شئ بعيد عن تفكيرى تماما
خالد : بعيد عن تفكيرك !! .. ازااى بقى ممكن افهم ؟
نهى : انتا مش شايف ان كلمة ارتباط دى بقت صغيرة عليا شوية ؟.. انا عندى خمسة وعشرين سنة .. يعنى اتخرجت من الجامعة من زمان .. و الارتباط ده كلمة بنضحك بيها على نفسنا و احنا ف الكلية .. مجرد روتين بنعمله لان كل اللى حوالنا بيعملوه .. بس احنا خلاص كبرنا و جربنا الواقع و اكيد الكلمة دى مالهاش وجود ف حياتنا دلوقتى
خالد : حد قالك قبل كدة انك جميلة اووى ؟؟
نهى : هوا انا المفروض اتكسف و ابص ف الارض و اقولك بجد ؟؟؟ ... ااه كتير قالولى انى جميلة اووى بس ف الاخر مش بتحسب على قوة البنات لان حياتى المهنية اخدت كتير اوى من وقتى لدرجة انى مش بلاحظ الكلام ده .
خالد : حلوة الجراءة و التلقائية دى .. بجد اول مرة اشوف بنت بتتكلم كدة .. بتتصرف على طبيعتها من غير ما تخاف من حاجة سواء اللى بتتكلم معاه تعرفه او ما تعرفوش
نهى : هوا انتا هتموتنى لو الاجابة مش عجبتك ؟؟
خالد : قصدك ايه ؟
نهى : يعنى احنا بنتكلم وانتا بتسالنى المفروض اجاوب الاجابة الى ترضينى مش اللى ترضيك ؟... و ايه اللى يخلينى مش اقول كل اللى انا شايفاه صح .. مش مهم انتا شايفه ايه لان الموضوع لو على رايك فانتا جاوب على نفسك بالرأى اللى يرضيك .. عشان كدة لازم اجاوب بتلقائية و جراءة لان ده رأيي انا . 

نظر لها خالد نظرات تعجب وممزوجة بابتسامة تدل على شدة اعجابه بها , فهى حقا شخصية نادرة , تهاجمك كـ لبوة شرسة و لكنها تقنعك و تأسرك كـ قطة بيضاء حديثة الولاده , شخصية ارستقراطية . 
انتهى ذلك اللقاء المدبر سريعا , و لكنه كان حافلا بالمعلومات المتبادلة بين الطرفين , كانت بالنسبة لـ نهى تجربة فريدة من نوعها , و لكنها تجربة بدائية ,و بالرغم من ذلك وجدت نفسها لم تعرف عنه شيئا , فشخصيتها لم تسمح له بالحديث بل اعطته مجالا لايماء الرأس فقط اعرابا عن تعجبه بها , عادت الى المنزل و ظلت تحدق لنفسها فى المرآه , فقد حاولت كثيرا ان تغير من ذلك الطبع الذى يغلب عليها , تلك الشخصية التى لطالما شعرت بان الكلام الموجه لها ما هو الا نقدا تريد الرد عليه سريعا قبل ان تسمح لمحدثها ان ينطق بكلمة اخرى . 

                           * * * * * * * * * * 

ياسمينه .. ياسمينة وسط الورود عطرة .. غريبة الشكل والملامح .. غريبة الطبع والصفات .. اختلافها هذا ما يميزها و يجعلها نادرة .. فهى واحدة فقط لم ولن تتكرر .. شابة فى التاسعة عشر من عمرها .. الاسم ياسمينة .. و كل ما بها يشبه زهرة الياسمين ..
منذ يوم ولادتها و الكل مختلف حولها .. حينما كانت بنت الساعتين اختلفوا فى اسمها .. فهناك من قال ندعوها باسم الشروق .. فقد انارت حياه والديها عند ولادتها .. وهناك من قال لنسميها وردة فهى زهرة الاجداد و الاعمام .. و لكن اصر والدها على ان يطلق عليها ياسمين فقد كانت والدتها عاشقة لزهرة الياسمين .. و لكن تم تعديل الاسم ليصبح ياسمينه .. ياسمينة واحدة فقط .. لانها حقا واحدة فقط ...
عملة نادرة فى زمن لا قيمة للجمال به .. قد تكون ملامحها مختلفة .. هى ليست بذلك الجمال الاخاذ الذى يذيب من حوله عشقا .. ليست ببيضاء او شقراء .. و لكنها مميزة بشئ يطغى على الجمال الاجنبى .. وسامة لم يعهد لها احدا من قبل .. ذلك الشعر البنى و العيون العسلية و البشرة الخمرية التى تدل على الملامح المصرية .. الصوت العذب الرقيق و الايدى الصغيرة الناعمة .. فكل معانى الانوثة متمثلة بها .
بالرغم من ان ما ذكر لا يمثل اختلافا كبيرا عمن حولها .. فتلك الملامح المصرية ليست مميزة بالنسبة للمصريين .. ولكن حين يأتى الحديث عن ياسمينة فان الوضع يختلف تمام .. فهناك شئ غريب بها .. شئ لا يعلمه احد .. ولا حتى هى .. 

اول يوم فى الجامعة ,  جميع الفتيات متأنقات كأنهن ذاهبات الى حفل زفاف , ملابس مختلفة الاشكال والالوان , فـ هناك تلك الفساتين القصيرة و الجوارب الملتصقة بالاجساد و هناك تلك البناطيل من خامة " الجينز " و فوقها قطع من القماش كانها لصقت بالاجساد , و بالطبع كان المنظر اشبه بمهرجان للطرح الفاقعة اللون التى قد تسبب لك عمى الوان من شدة " البهرجة " , و دعونا لا ننسى الاشكال الغريبة التى لا كلمة توصفها حقا , فلا احد يعلم ما تلك الاشياء فوق رؤوس الفتيات , شيئا غريب كانها تخفى شيئا تحت " الطرحة " شيئا ضخما يجعل من رأسها رأسين متلاصقيين , و هذا بالاضافة الى ذلك الزى الملتف حول جبهتهن , شيئا غريبا حقا .
منذ اختراع الالوان الفسفورية و لم يعد للموضة رونقا , و بالرغم من كل ذلك كانت هناك فتاه غريبة تظهر بوضوح و الجميع ينظر لها لانها مختلفة , فيبدو انها لم تعلم انها ذاهبة الى الجامعة لذلك لم ترتدى الزى المناسب , فقد اكتفت بذلك " الجينز الازرق " و " البادى الابيض " و تركت شعرها ينساب على ظهرها دون ان تصنع منه " نجفة " تعلو رأسها , كان المنظر غير مألوف بالنسبة لجميع الفتايات , و لكنها حتما بالنسبة لبعض الشخاص فى منتهى الشياكة و الاناقة , و تلك الحقيبة التى  تحملها من ماركة برادا , اضفت رونقا على شياكتها البسيطة . 

تدخل الى المدرج بعد ان عانت كثيرا فى نقل جدول المحاضرات , و بعد نصف ساعة من الانتظار الممل يدلف من الباب شاب اسمر طويل يرتدى بدلة سوداء و قميص باللون الارجوانى الهادئ و يحمل شنطة لاب توب سوداء . كان انيقا جدا و وسيما جدا جدا , و بعد ان كانت اصوات الثرثرة تجوب المكان , تحول المكان الى صحراء لا صوت فيها مع دخول ذلك الشاب ,  وضع حقيبته و اخرج منها دفتر ما , حمل " المايك " و بدأ فى تقديم نفسه .

" اهلا , اعرفكم بنفسى , انا مراد المغربى , مدرس مساعد " معيد "  فى الكلية وهكون معاكوا فى مقرر " مدخل الى الصحافة " , طبعا بما ان ده اول يوم لينا ف السنة الدراسية فـ اكيد محدش عايز يبدأ الدراسة النهاردة , بس خلينا نتكلم عن المقرر بشكل عام و يعنى ايه كلية اعلام , و ليه كلنا دخلنا اعلام ................................

ظل مراد يتحدث و لم تنتبه ياسمينة لحديثة , فقد اخرجت دفتر ملاحظات و كتبت به شيئا ما و اعادته الى مكانه مع سماع كلمة " نتقابل المحاضرة الجاية ان شاء الله " . 
اخذت حقيبتها و غادرت المدرج ,  اجرت بعد ذلك مكالمة هاتفية و ظلت واقفة ما يقارب نصف ساعة حتى وصلت سيارة امام الكلية اخذتها و رحلت .

                   * * * * * * * * * * * * 

لم تنتبه نهى الى الوقت الا حينما سمعت صوت آذان الفجر فى المسجد القريب من منزلها , فأخذت تتمطع و تفرد يديها امامها و تحرك رأسها يمينا ويسارا , نظرت مرة اخرى الى شاشة اللاب توب و ضغطت زر " Save " و اغلقت الصفحة . 
بعد ان ادت فروض صلاه الفجر و قرأت القليل من آيات القرآن , ذهبت الى سريرها و اخذت تفكر قليلا بلقاءها مع خالد , فهو لم يذكر شيئا صراحة ولكن اللقاء معروف الهدف منه , و لكن ان كان حقا الموضوع عبارة عن زواج مدبر , هل تقبل به ؟ , هل تقبل ان تتزوج بذلك التقليد العتيق ؟؟ , فتاه متعلمة و مثقفة مثلها لما ستفكر به كـ زوجا لها ؟ , و لكن من الجانب الاخر فهى لسيت بفتاه صغيرة السن ستملى شروطها عليه , و لكنها بالرغم من ذلك ليست مجبرة على ان توافق .

                        * * * * * * * * * * * 

نهى فى المكتب تستند بظهرها الى الكرسى و تنظر الى السقف , ما زالت تفكر بتلك الرواية , حملت حقيبتها و غادرت المكتب و اتجهت الى المقهى التى اعتادت الجلوس به , فتحت اللاب توب و بدأت فى قراءة ما كتبته من قبل ثم اخذت فى الضغط على المفاتيح الصغيرة امامها .
                     
                    * * * * * * * * * * * * * 

نجلاء : ياسمينة .. ياسو .
ياسمينة : ايوة يا ماما جاية حالا ..
و تركض ياسمينة كطفلة صغيرة لا يتعدى عمرها التسع سنوات ..
وتقف وهى تلهث امام والدتها بالرغم من ان الغرفة لا تبعد كثيرا عن المطبخ .
نجلاء : ايه يا بنتى ..  طيب خدى نفسك .
ياسمينة : ايوة يا مزتى .
نجلاء : يا بت مش هتبطلى الالفاظ دى ؟؟. مش عارفة انتوا بتجيبوا الكلام ده منين ؟؟
ياسمينة : من المجتمع يا نوجة .. ما انتى عارفة بقي . احنا بقينا ف مجتمع مفتوح اووى , الكلية والنت و الفيس بوك و التويتر و..............
نجلاء : بس .. بس .. بس ... ايه كل ده ؟؟
ياسمينة : تكنولوجيا يا موزة ..
نجلاء : يا سلام ؟؟.. وهيا التكنولوجيا اللى علمتك الكلمة اللى مالهاش معنى دى ؟؟
ياسمينة : لا .. دى عرفتها من الشارع .
نجلاء : شارع ؟؟....طيب يا ختى .
ياسمية و هى فى طريقها للابتعاد عن المطبخ ...تعود ادراجها مرة اخرى ...
ياسمينة : صحيح يا مامى .. انتى كنتى بتنادى عليا ليه اصلا ؟؟
نجلاء : يوووووة .. نستينى .. خدى عملتلك النسكافيه بتاعك .. وخدى الكيك ده كمان .
ياسمينة : مااشى .. ميرسى يا نوجة .. فى حاجة كمان ؟؟
نجلاء : ااه .. كفاياكى كدة .. الساعة بقت 11 . مش ناوية تنامى ؟؟
ياسمينة : كمان ساعة .. هخلص بس مقالات كدة و هنام .
نجلاء : مقالات بردو ولا الكلام مع اصحابك على الفيس ؟؟
ياسمينة : يا ماما ما احنا بنخلص اللى ورانا سوا على الفيس . شات بقي .
نجلاء : ما انتى كدة مش هتخلصى اللى وراكى ... 
ياسمينة : اية يا موزتى مالك متعصبة كدة ليه ؟؟
نجلاء : ولا حاجة . روحى يالا خلصى اللى وراكى عشان تنامى .
ياسمينة : لا . هوا انا مش عارفاكى .. مالك ؟؟
نجلاء : ولا حاجة .. روحى انتى ما تقلقيش نفسك 
ياسمينة : مامى .......
لم تجد نجلاء مفر من ان تخبرها , فهى تعلم جيدا انها لن تحل عنها حتى تعرف كل شئ . 
نجلاء : ابوكى كلمنى وهيتأخر المرة دى ..
ياسمينة : هيتأخر اد ايه ؟؟
نجلاء : مش هينزل الاجازة دى .. يعنى مش قبل 3 شهور على ما ياخد اجازة 
ياسمينة : هوا ده اللى مضايقك يا قمر ؟؟ .. ولا تزعلى نفسك خالص . سافريله انتى  . اهو منها تغيرى جو .. وتشوفى المز بتاعك بقي 
تضربها نجلاء على يدها على سبيل المزاح ..
نجلاء : لمى نفسك يا جزمة .. ايه مز دى ؟؟
ياسمينة : ايوة يا نوجة .. صراحة يعنى الراجل جوزك ده حليوة كدة ويتعاكس 
نجلاء : بنت .....
ياسمينة : ههههههه .. طيب طيب خلاص .. ما تضايقيش نفسك بقي ... يالا قومى نامى و انا هخلص اللى ورايا وهنام .
نجلاء : طيب .. تصبحى على خير يا حبيبتى .
ياسمينة : وانتى من اهله يا مامى ..

كانت العلاقة بين نجلاء و ياسمينة كعلاقة صديقتين حميمتين , دائما ما يمازحان بعضهما و يعشق كل منهما الاخر  , اما عن الاب الحنون " فريد " فهو شخصية مرحة طيبة القلب و بالرغم من غيابه المستمر بحكم عمله كـ مهندس بحري , الا ان علاقته باسرته قوية جدا , فهو يعلم كل شئ عن ياسمينة و دائما ما يتحدثان , و  بالطبع علاقته بزوجته " نجلاء " قوية جدا فهما مثال لقصص العشق التى نعرفها جميعا . 

                          * * * * * * * *  * * * *

يرن هاتف نهى فيقطع تفكيرها , و لكنها سرعان ما تجيب على ذلك الاتصال .
نهى : الو .. ايه ؟؟.. مؤمن ؟.. هوا فى مستشفى ايه دلوقتى ؟؟ .. طيب انا جاية حالا ......

تجرى نهى سريعا و توقف سيارة اجرة لتذهب الى المستشفى , و كل ما تفكر به مؤمن و ما حدث له , فالمتصل اخبرها انه فى المستشفى , و لكنه لم يخبرها بما حدث , و من كثرة خوفها عليه لم يخطر حتى ببالها ان تتصل باى شخص ليكون معها فى المستشفى . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق