الجمعة، 23 مايو 2014

حبة الفراولة #2

الحلقة الثانية
* * * * * *
كيف لا تريدنى ان احبها ؟ , لا بل ان اذوب بها عشقا , فهى انثى بكل معنى الكلمة , رقتها التى تنعكس فى كل تصرفاتها , ابتسامتها حين احادثها , تحركاتها كزهرة تتمايل مع نسمات الهواء , كل ذلك و اكثر , فوصفها لم و لن ينتهى , فهى مزيج غريب جدا من القسوة و النعومة , من الحزن و الفرحة , من الاكتراث و اللامبالاه .


ايقظه ماجد من تلك الخيالات حينما اخبره انه سيغادر .. فنهض مودعا اياه .. 
ماجد : ان شاء الله هتقوم بالسلامة .. حاول تخرج من الحالة اللى انت فيها دى يا حسن 
حسن : يعنى هعمل ايه ؟؟ .. ما انا عايش اهو .. بس الحياه و هى مش جمبى كانها مقبرة بدفن فيها كل حاجة , حتى الضحكة مالهاش وجود , و لا الليل و النهار ليهم معنى , كله واحد ,  هيا اللى كانت بتخلى لكل حاجة ف حياتى معنى .

* * * * * * * * 

فى الشركة تجلس حسناء على مكتبها و هى فى قمة الحماس و النشاط للعمل , تتحرك من مكانها لتنقل بعض الفايلات فتصطدم بـ حسن .. 
ترتبك حسناء و تحاول ان تلملم نفسها و الاوراق التى تناثرت منها فى كل مكان .. 
حسناء : اسفة ... انا ... 
حسن : انا الى آسف .. 
اخذ حسن يساعدها فى جمع الاوراق , ثم وقفا , ومد حسن يده اليها .. 
حسن : هاى , حسن 
حسناء : هاى , و انا حسناء 
حسن : اسفة على اللى حصل بس انا ماخدتش بالى 
حسناء : و لا يهمك , انا اللى اسفة . 
حسن : انتى جديدة معانا هنا ؟ , انا اول مرة اشوفك هنا .
حسناء : ايوة , اول يوم ليا . 
حسن : اتشرفنا بوجودك معانا . 

وصوت يأتى من بعيد 
.... : حسن , استاذ فاروق عايزك .,
حسن : تمام , جاى , عن اذنك , اكيد هنتكلم تانى .
حسناء : باذن الله , عن اذنك . 
و يسير كل منهم فى اتجاه , فتعود الى مكتبها و يذهب هو الى مكتب أ\ فاروق . 
تجلس على مكتبها و تشعر بارتباك شديد , اول يوم لها فى العمل و تسقط اوراق فى المكتب و تشعر بالاحراج نتيجة موقفها مع حسن , فـ اول تعارف بينهم يكون هكذا , يا الله , يا له من موقف محرج جدا . 

* * * * * * *

" احيانا قد يطرق الحب باب قلبنا , او تكون لحظات من الاعجاب الشديد التى قد يظنها البعض حبا , و لكنها تكون مجرد دقات بالقلب , او احساس يمس الروح , فالحب هو علاقة روحية متبادلة بين طرفين , يجب ان يكون لها فعل و رد فعل , غير ذلك لا يسمى حبا , بل اعجاب , و كثيرا ما نمر بلحظات الاعجاب , و لكن نادرا ما نلتمس الحب " 

* * * * * * * *

ظلام حالك يسود الغرفة و لا يقطع ذلك الظلام سوى ضوء مفاجئ يصدر من الهاتف المحمول الخاص بحسن , يعتدل فى جلسته و يلقى نظرة خاطفة على شاشة الموبايل ثم يستند برأسه الى الوسادة و يحمل الهاتف مرة اخرى , يطلب نفس الرقم الذى اتصل به منذ دقئق . 
حسن : ممممممممم .. عاملة ايه ؟؟
هالة : تمام الحمدلله , صحيتك ؟ 
حسن : ااه , كنت نايم من شوية 
هالة : طيب عامل ايه ؟
حسن : كويس الحمدلله , ايه اللى مصحيكى لحد دلوقتى ؟؟ 
هالة : مش عارفة بس قولت اتطمن عليك 
حسن : فى حاجة اسمها مش عارفة , و بعدين انا كلمتك بعد الشغل , ايه بقي تطمنى عليا دى ؟ 
هالة : الله يا حسن !! , بلاش اتطمن عليك يعنى ؟ , وحشتنى 
حسن : لا يا ستى اتطمنى براحتك 
هالة : بالنسبة لكلمة وحشتنى اللى قولتها اتمنتجت ليه ؟؟ 
حسن : و انتى كمان , و بعدين صراحة انا مش فايق , عايز انام عشان عندى شغل الصبح , و تعبان جدا 
هالة : طيب  , هسيبك تنام , و انا كمان هروح انام , تصبح على خير 
حسن : و انتى من اهله . سلام 

يعود الصمت مرة اخرى الى الغرفة .. يتذكر حسن بعض اللحظات مع هالة " خطيبته " 
كيف ابتعدا عن بعضهما الى هذا الحد , فـ منذ ايام الجامعة و هما دائما مع بعضهما لا يفترقان الا وقت النوم , و لكن منذ ان بدأت الحياه العملية , ظهر ذلك الحائل الذى اخذ يبعد المسافات بينهما حتى اصبحا لا يلتقيان الا نادرا , حتى تلك المكالمات الخاطفة و التى لا تدوم سوى دقائق معدودة اصبحت قليلة الحدوث . 
نعلم جيدا ان الحياه مليئة بالهموم و الاعمال , و دائما ما تغير من الاوضاع بين البشر , و لكن ألهذه الدرجة تغيرنا نحن ؟ , فكيف يتحول الحب الى شعور بالملل و الضيق ؟ , ام انه لم يكن حبا منذ البداية ؟ 

* * * * * * * * 

تجلس حسناء على فراشها , تقرأ مقتطفات من بعض الكتب الجديدة , تضع الكتب بالمكتبة و تذهب الى الفراش , تعيد احداث اليوم فى مخيلتها , و ابتسامة تعلو وجهها , ما زال اول يوم بالعمل هوالافضل , تتذكر لحظة اصطدامها ب، حسن , فيحمر وجهها خجلا لتذكر الموقف , تحاول ان تمحى تلك اللحظة من مخيلتها , و تغرق فى النوم . 

* * * * * * * *

فى المستقبل القريب .. 
ما زالت حسناء تحبس نفسها بغرفتها , و يأتى الطبيب لزيارتها من حين الى الاخر , انه ذلك الموقف الذى حدث فحولها الى شبح , او ربما جثة هامدة , لا تتحدث اطلاقا , و دائما تائهه فى عالم آخر , عالم لا يعلم اى احد عنه شئ , و لكنها احيانا ما تحملق عيناها على كتاب معين فى المكتب , و لم يلحظ اى احد ذلك , فظنوا انه حالة من التوهان او السرحان التى انتابتها .
اما حسن , فلا ينفك يسال عنها , و لم ينسى كيف انها كلما راته تتحول هيئتها , فتبدأ فى التشنج و الخوف منه , فتبتعد أكثر و اكثر و تصرخ كأنها تستنجد بأحد ان  يبعده عنها , و لكن لا تستطيع ذكر ذلك صراحة , فتلك الصدمة منعتها من النطق . 
ذكر الطبيب يوما انها قد تتحدث فى اي لحظة , فمرضها نفسى و ليس عضوى , و لا يوجد اى شئ يمنعها من الكلام , و لكن للاسف بسبب تلك الحالة لا احد يعلم ما بها , و ما الذى حدث حتى تصبح هكذا , و هى ايضا ترفض ان تعبر عما بداخلها عن طريق كتابته على ورقة او حتى باستخدام مفاتيح الكومبيوتر , كأنها فقدت القدرة عن التعبير و ليس القدرة على الكلام فقط . 

و لكنه ذلك اليوم الذى وقعت مغشيا عليها فى احد اركان النادى , لم تكن تقف وحيدة بل كان بصحبتها بعض الفتيات , ثم جاء حسن و ماجد و وائل , و أخذت اصوات الجميع تتعالى و الدموع تسيل على وجه حسناء , فقد ظلت تتطلب منهم ان يصمتوا , ظلت تكرر كلمة " كفى " و تضع يديها على اذنيها . 
حسناء : كفاية , بس يا حسن , خلاص ... 
و هنا وقعت مغشيا عليها .........

يتبع ... 
حنان محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق