الأحد، 25 مايو 2014

حبة الفراولة #3



الحلقة الثالثة :
* * * * * * 
و لكنه ذلك اليوم الذى وقعت مغشيا عليها فى احد اركان النادى , لم تكن تقف وحيدة بل كان بصحبتها بعض الفتيات , ثم جاء حسن و ماجد و وائل , و أخذت اصوات الجميع تتعالى و الدموع تسيل على وجه حسناء , فقد ظلت تتطلب منهم ان يصمتوا , ظلت تكرر كلمة " كفى " و تضع يديها على اذنيها .

حسناء : كفاية , بس يا حسن , خلاص ...
و هنا وقعت مغشيا عليها ...
انه ذلك اليوم الذى شعرت بقبضة روحى , كأن كل كيانى سلب منى , لا أقوى على ان اراها امامى و لا استطيع ان احادثها , و إن تحدثت اليها لا تجيب , أأنا السبب فى كل هذا الالم ؟ , انا السبب فى الالم و انا من يتألم , احساس مروع , اتمنى ان اسمع صوتها مرة اخرى , ذلك الصور الذى يثيرنى , و يبعث فى جسدى لذة الاشتياق , آآه يا حبة الفراولة , كم اشتقت اليك لتضمينى بين احضانك , كم اشتقت للمسات متبادلة بين عينانا ..... 

* * * * * * * *

حياة المكتب قد تكون مملة للبعض , و لكنها من المؤكد ممتعة بالنسبة لحسناء , فهو حلمها الذى لطالما ارادته , يتعجب البعض من حماسها الشديد بالعمل , فالبعض يتمنى ان تنتهى ساعات العمل حتى يرحل و يخرج الى حياته , اما حسناء فهى تحزن جدا بعد اانتها تلك الساعات التى تعتبرها قليلة جدا فى العمل , فلكل شخص اتجاهه و الذى يختلف برغم توافق الظروف , و الانسان الناجح هو الذى يحول ذلك الحماس و الشغف الى عمل

تجلس حسناء على مكتبها , و يمر حسن امامها , يسير قليلا ثم يعود ادراجه الى الوراء 
حسن : هاى , عاملة ايه ؟
حسناء : هاى , تمام الحمدلله , و انت عامل ايه ؟ 
حسن : تمام الحمدلله , ايه اخبار الشغل ؟
حسناء : تمام , شغالة اهو
حسن : مرتاحة هنا ؟
حسناء : جداا :) 
حسن : واااو , شكلك بتحبى الشغل اوى 
حسناء : اه , صراحة آآه , بحب الشغل جدا 
حسن : دى حاجة كويسة جدا , و هتفيد الشركة
حسناء : يا رب 
حسن : احنا ما اتعرفناش كويس المرة اللى فاتت , انتى عارفة انى بشتغل ف الشركة هنا من سنتين صح ؟
حسناء : لا , بس يا بختك , بقالك سنتين هنا , اكيد استفدت كتير جدا من انك شغال ف شركة زى دى ؟ , يعنى مجرد الخبرة الى هتكتسبها ف سنتين حاجة روعة
حسن : ههههههههههه هو ده اللى بتفكرى فيه الخبرة اللى اكتسبتها ؟ , بس عموما انا اكتسبت خبرة كتير اوى , و يكفى انى وصلت لمجلس الادارة
حسناء : واو , يعنى انتى تعتبر مديرى بقي ؟ 
حسن : حاجة زى كدة , من غير تكليف , ممكن تقوليلى استاذ حسن :D :D 
حسناء : هههههههههه يا سلام عالتواضع 
حسن : امال ايه يا بنتى لازم نستغل بقي انك جديدة هنا , عموما انتى  هتحبى الشغل هنا جدا , مش هعطلك اكتر من كدة , انا هشرب قهوة تشربى معايا ؟ 
حسناء : مممممممم , طيب
حسن : خلاص هطلب قهوة , قهوتك زيادة صح ؟ 
حسناء : مظبوط 
حسن : تمام , عن اذنك

يتركها حسن بابتسامة غارقة على وجهها , تحاول التركيز مرة اخرى فى العمل و لكن سرعان ما يصل و هو يحمل كوب القهوة , يتركه بجانبها على المكتب , و يعود الى مكتبه مودعا اياها بابتسامة غريبة , كانها ابتسامة اعجاب , او ربما تكون بدأ صداقة

تعود حسناء الى منزلها ذلك اليوم و هى فى قمة سعادتها , فقد مدحها المدير اليوم و رئيسها المباشر ايضا , و تنبأ لها بمستقبل مشرق فى تلك الشركة , كما انها تحدثت الى حسن , و نشأت بينهم محادثات تحتوى على الدعابة فى كثير من الاحيان , فقد اصبحا شبه صديقين حميمين يمزحون سويا .
و بالرغم من انها غالبا لا تكتسب صداقات سريعة و لكنها لم تتمسك بتلك القاعدة مع حسن , فوجدت فى التعامل معه دافعا قويا لان تتعرف عليه اكثر و ان يصبحا صديقين او ربما اقرب من ذلك

تدلف حسناء الى غرفتها , و تلقى بنفسها الى السرير و تنظر مليا الى السقف , غارقة فى التفكير لم تشعر انه قد مضى وقت على جلستها هكذا , حتى قطع ذلك التفكير دخول أخيها أحمد , فقد طرق على الباب كثيرا و لكنها لم تنتبه
احمد : حسناء ... 
حسناء : احمد .. انت هنا من امتى ؟؟ 
و تحركت من مكانها و ذهبت فى اتجاه فطبعت قلة صغيرة على وجنتيه مع كلمة " وحشتنى
احمد : ايه يا حسناء بخبط عليكى من بدرى !!
حسناء : معلش يا احمد بقي , جيت منالشغل و تقريبا محستش بنفسى و نمت 
احمد : لحقتى تنامى يعنى انتى بقالك نص ساعة بس 
حسناء : الله , معلش بقي , و بعدين ما تاخدنيش ف دوكة يا استاذ , مجبتش ليه حسناء الصغيرة معاك ؟
احمد : ما انتى عارفة بقي بيبقي صعب عليا اوى انى اجيبها معايا و كدة , و بعدين ما تيجى انتى تقضى يوم معانا هناك و لا مش عايزة يعنى تجيلنا ؟ 
حسناء : ما انت عارف بقي يا احمد بدأت الشغل وكدة .
احمد : كل ده عشان اللى حصل بينك و بين وفاء ؟
حسناء : انت عارف ان الموضوع ده مش ف دماغى اصلا , انا هتعامل مع وفاء كويس جدا ف اى وقت .
احمد : امال ايه ؟ , انا عارف ان الموقف اللى حصل ده رخم اوى , و انا هزأتها عليه .
حسناء : يا حبيبى و الله ما متضايقة من الموضوع ده , انا بس عشان الشغل وكدة ومش هينفع اسيب ماما لوحدها .
احمد : انا هاجى اخدكوا من هنا يوم الخميس , تباتوا عندى و ارجعكوا الجمعة
حسناء : مش هينفع يا احمد , خليها الاسبوع اللى وراه ماشى ؟
احمد : آآه لو اعرف اللى ف دماغك يا سنسن , بس ماشى الاسبوع اللى وراه هاجى اخدكوا من هنا
حسناء : خلاص ماشى , ربنا يسهل ان شاء الله , المهم قولى بقي انت عامل ايه مع وفاء ؟ 
أحمد : تمام .. 
حسناء : فى ايه ؟؟ , احكى 
احمد : مفيش حاجة ... عادى 
حسناء : احمد ... انا عارفاك كويس و عارفة انك نزلت القاهرة دلوقتى و اكيد فى حاجة , فى ايه بقي ؟ 
احمد : انتى الوحيدة اللى بتقدرى تعرفى مالى من غير ما اتكلم 
حسناء : مممممم يعنى كلامى صح , فى ايه بقي ؟ مالك ؟
احمد : العادى , اتخانقت مع وفاء .
حسناء : ليه ؟ 
احمد : بتكدب عليا يا حسناء , اكتشفت انها بتاخد حبوب منع الحمل مع اننا اتفقنا اننا خلاص عايزين نجيب بيبى تانى , يعنى خلاص حسناء كبرت و بقى عندها خمس سنين , و انا مش هستنى اكتر من كدة لم اعجز يعنى عشان اجيب طفل تانى ولا ايه ؟ 
حسناء : طيب انت سألتها عن السبب ؟ , اكيد فى سبب انها بتاخد الحبوب دى ؟
احمد : ايه السبب اللى يخليها تخبى عليا ؟ 
حسناء : طيب انت عملت ايه لما عرفت ؟ 
احمد : واجهتها و زعقت معاها و سيبت البيت ومشيت
حسناء : طيب وده ينفع اصلا ؟ , انت حتى ما اتكلمتش معاها و عرفت وجهه نظرها , انت غلطان يا احمد , ايا كان اللى حصل اكيد هيا شايفة حاجة انت مش شايفها , ينمكن هيا ما قالتلكش على السبب عشان ما تتضايقش مثلا , بس هيا اكيد عندها سبب مقنع , اتكلم معاها يا احمد , افهم وجهه نظرها و ابقي جمبها مش تسيبها و تمشى , الهروب من المشاكل عمره ما هيحلها
نظر لها أحمد نظرة اعجاب ممزوجة بابتسامة خفيفة تدل على الاستغراب .
احمد : بالرغم انك اختى الصغيرة بس اوقات كتير اوى بحس ان عاقلة اكتر منى , خصوصا ف المواقف دى , و بالرغم المشاكل اللى بينك و بين وفاء الا انك لسة بتدافعى عنها , ربنا يخليكى ليا يا حسناء .
حسناء : و يخليك ليا يا احمد , يالا بقي انتا هتنسبنى الغدا و لا ايه ؟ , انا هموت من الجوع , فين ماما ؟ 
احمد : هههههههههه طيب يا ستى , انا اصلا قولت لماما ما تعملش حاجة , هنطلع ناكل برا , بس كنا مستنينك
حسناء : ايوة كدة بقي يا احمد, انا بقالى كتير اوى ما طلعتش اكلت برا اصلا , ثوانى هغير هدومى و ننزل
احمد : طيب ماشى .

* * * * * * * * 

هالة تجلس مع حسن فى احد المطاعم .
هالة : فاكر يا حبيبى اول يوم اتقابلنا فيه ؟ 
حسن : مممممم 
هالة : ايه ده ؟ , حد ينسى يوم زى ده ؟ 
حسن : انا مش فاكر اكلت ايه امبارح يا هالة
هالة : ايوة بس محدش بينسى اهم يوم ف حياته يا حبيبى 
حسن : معلش , المهم ان انتى فاكراه عشان تفكرينى بيه , صح ؟
هالة : ممممم , اضحك عليا بكلمتين بقي
حسن : يا حبيبتى انا فعلا مش فاكر اى حاجة , و انتى عارفة انى جيت معاكى النهاردة عشان ما تزعليش , مع انى رجعت من الشغل تعبان اوى , و كمان لسة عندى شغل بليل
هالة : يعنى انت بتحاسبنى عشان طلبت انى اشوفك ؟ , خلاص يا حسن يالا بينا نمشى لو متضايق ؟ 
حسن : بردو ؟ , انا ما قولتش انى متضايق خالص , انا بس تعبان ومحتاج اك تقدرى ده , انى بشتغل كل ده عشانك , عشان نتجوز
هالة : يا حسن بيتهيالى ان اللى معانا يكفى اننا نتجوز , و لا ايه ؟
حسن : انتى عارفة كويس اوى انه مش طموحى انى اتجوز و اشتغل و الفوس تبقي على اد المصاريف وخلاص , انا عايز احقق حاجات كتير اوى , و انتى عارفة كدة ولا ايه ؟
هالة : طيب ممكن تهدا ؟؟ , انت بتتعصب ليه دلوقتى ؟؟
حسن : خلاص يا هالة مفيش حاجة . يالا بينا عشان انا تعبان و عايز انام شوية قبل ما انزل بليل , ممكن ؟
هالة : طيب يا حبيبى , يالا بينا .. 
تخرج هالة تنتظر فى السيارة حتى يدفع حسن الحساب , يخرج بعدها حسن و لكنها يصادف حسناء عند باب المطعم فيقف ليسلم عليها ..........

* * * * * * * * 

فى المستقبل .. 

و لكنه ذلك اليوم الذى وقعت مغشيا عليها فى احد اركان النادى , لم تكن تقف وحيدة بل كان بصحبتها بعض الفتيات , ثم جاء حسن و ماجد و وائل , و أخذت اصوات الجميع تتعالى و الدموع تسيل على وجه حسناء , فقد ظلت تتطلب منهم ان يصمتوا , ظلت تكرر كلمة " كفى " و تضع يديها على اذنيها
حسناء : كفاية , بس يا حسن , خلاص ... 
و هنا وقعت مغشيا عليها .........
يتم نقل حسناء الى المستشفى بعد ان تفشل محاولاتهم لافاقتها . ينتظروا كثيرا حتى يخرج البهم الطبيب و يخبرهم انها ستظل تحت المراقبة فى المستشفى بضعة ايام , فقد دخلت فى حالة من الصدمة لم يتم التاكد من اثرها بعد , لم يعلم حسن بعد ما الكلام الذى قالته هالة لـ حسناء حتى يحدث كل ذلك , و لم تلقى اللوم عليه هو , لما ترفض ان يزورها او ان يتحدث اليها , حتى هالة تأبى ان تخبر حسن بما حدث , فغضب عليها و لم يتحدث اليها بسبب ما حدث لـ حسناء .. 

ثلاثة اسابيع تمر و حسناء على تلك الحالة , و مازال حسن يتذكر اول يوم يدلف الى غرفتها
حيث انتفضت حسناء بقوة , و تحركت من السرير و اخذت تصرخ به , مستنجدة بـ ماجد صديقهما
حسناء : ماجد خليه يطلع برا , انا مش عايزة اشوفه , قوله يمشى من هنا
حسن : حسناء , اهدى شوية يا حبيبتى , انتى  ليه بتعملى كدة ؟؟ , انتى بتبعدى عنى ليه ؟ 
حسناء : ابعد عنى , اوعى تلمسنى ... 
حسن : انتى خايفة منى انا يا حسناء ؟ 
ماجد : اصبر بس يا حسن , انت مش شايف حالتها ؟!
حسناء : ايوة يا ماجد , خليه يبعد عنى , انا مش عايزاه يقرب منى , خليه يخرج من حياتى , مش احنا اصحاب و اخوات ؟؟ , مش انا اختك ؟ , خليه يبعد عنى لو بتعزنى بجد ابعده عنى
و سرعان ما اصدرت صرخة دوى صداها فى ارجاء المستشفى بمجرد ان وضع حسن يده على كتفيها , فاخرجهما الطبيب من الغرفة سريعا بعد ان حقن ذراعها بمهدا قوى جعلها تسترخى فى خلال دقائق و تذهب الى اللا وعى
علم حسن بعدها ان تلك الصدمة أفقدتهاالقدرة على النطق , او ربما هب من يأبى الكلام بمحض ارادتها


كانت تلك اللحظات التى تذكرها حسن وهو فى طريقه الى المستشفى , فبعد مرور ثلاثة اسابيع قرر ان يعيد المحاولة مرة اخرى , و ان يذهب اليها مرة اخرى , فلم يعد يقوى على الابتعاد عنها
أمام باب المستشفى , تتوقف السيارة و ينظر له ماجد 
ماجد : متأكد انك عايز تدخلها ؟؟ 
حسن : وحشتنى اوى , عايز اشوفها .
ماجد : بس اللى حصل المرة الى فاتت مايطمنش يا حسن , عشانكوا انتوا الاتنين 
حسن : هجرب يا ماجد , هجرب ... 
ماجد : طيب , على راحتك

يصعدان الى غرفتها , و يطرقان الباب , و بمجرد دخولهما الى الغرفة , تنتفض حسناء و يتشنج جسدها و تذهب الى احد اركان الغرفة متشبثة بالستارة المعلقة , و يتخشب جسدها و تتسع حدقتى عينيها
يقترب منها حسن , فتصرخ مستنجدة بـ ماجد .. تبكى كثيرا , و ما زال حسن مصرا على الاقتراب منها , يحاول ان يضع يده على كتفيها و لكنها اخذت تحرك يداها فى الهواء ليبتعد عنها , كطفلة صغيرة تغرق فى مياه بحر عميق فأخذت تجدف بيدها فى حركات غير منتظمة , مجرد احساسها انها ستنجو هو مجرد احساس حسناء بانها ستبعد حسن عنها , تبدأ فى اصدار ضربات متتالية على كتفه حتى يبتعد و لكنه ما زال مصرا على ان يظل قريب , كان يريد ان يحادثها 
حسن : حسناء , انتِ ليه بتبعدى عنى ؟ , انا حسن حبيبك , صح ؟ , على الاقل ردى عليا , عايز اسمع صوتك , انتى بتعاقبينى على ذنب انا مش عارفه ؟ 
مازالت حسناء تأبى الكلام , و لكنها ابتعدت عن ذلك الركن و ذهبت فى اتجاه ماجد , فطمست وجهها خلفه خوفا من حسن ......

يتبع ....

حنان محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق