الحلقة الثالثة
********
يرن هاتف نهى فيقطع تفكيرها , و لكنها سرعان ما تجيب على ذلك الاتصال .
نهى : الو .. ايه ؟؟.. مؤمن ؟.. هوا فى مستشفى ايه دلوقتى ؟؟ .. طيب انا جاية حالا ......
تجرى نهى سريعا و توقف سيارة اجرة لتذهب الى المستشفى , و كل ما تفكر به مؤمن و ما حدث له , فالمتصل اخبرها انه فى المستشفى , و لكنه لم يخبرها بما حدث , و من كثرة خوفها عليه لم يخطر حتى ببالها ان تتصل باى شخص ليكون معها فى المستشفى .
يرن هاتف نهى فيقطع تفكيرها , و لكنها سرعان ما تجيب على ذلك الاتصال .
نهى : الو .. ايه ؟؟.. مؤمن ؟.. هوا فى مستشفى ايه دلوقتى ؟؟ .. طيب انا جاية حالا ......
تجرى نهى سريعا و توقف سيارة اجرة لتذهب الى المستشفى , و كل ما تفكر به مؤمن و ما حدث له , فالمتصل اخبرها انه فى المستشفى , و لكنه لم يخبرها بما حدث , و من كثرة خوفها عليه لم يخطر حتى ببالها ان تتصل باى شخص ليكون معها فى المستشفى .
* * * * * * * * * * * *
قبل ذلك بثلاث ساعات ...
فى الطريق من الغردقة الى القاهرة , شباب فى سيارتين , السياراتان بجوار بعضهما كأنهما خطين متوازيين , شباب فى اوائل سن العشرين , عائدون من عملهم باحدى الشواطئ السياحية , يمرحون معا كأطفال صغار
علاء فى السيارة الاولى و معه بعض الاصدقاء .. و مؤمن وحمدى فى السيارة الثانية و معهم باقى الاصدقاء .
حمدى : يا بنى اهدا شوية هتقلب بينا العربية .
مؤمن : الطريق فاضى قدامنا .. خلينا نطيرررررررررر
حمدى : يا ابن المجنونة ......
مؤمن : انتا بتشتم امى ياض ؟؟
حمدى : خلاص يا عم مش قصدى ... بس هدى السرعة شوية عشان كدة مش هنوصل
مؤمن : مبسوط .. مبسوط اووووووووووى ... أحلى اجازة ف حياتى ..
وائل : هههههههههه هتبقا احلى يا مؤمن لو هديت السرعة شوية .
مؤمن : و النبى يا عم وائل خليك ف حالك ف الكرسى اللى ورا ده .. انتا اللى مارضتش تسوق
وائل : طيب بص قداامك ...
حمدى : حااااسب يا مؤمن ........
* * * * * * * * * *
مؤمن توفيق الصرفى .. شاب فى الثانية و العشرين من عمره , تخرج فى كلية التجارة منذ شهر واحد , و عمل بأحدى الشؤاطئ السياحية بـ الغردقة , هو بالطبع اصغر اخواته ( نهى و عزة ) , و علاقته بـ نهى قوية جدا , فالفرق بينهما ليس كبير , لذلك كانا كالصديقين الحميمين يخبران بعضهما كل شئ .
اما عن حمدى فؤاد الصرفى فهو فى الثالثة و العشرين من عمره , و تخرج فى كلية السياحة فى نفس العام , و عمل مع ابن عمه مؤمن فى الغردقة , كان قريب جدا من مؤمن كالاخيين لا يفترقا عن بعضهما , خاصة بعد وفاه والدته وهو فى سن الثانية عشر فاصبحت " ماجدة " والدة مؤمن كأمه بالضبط , و كانت تعتبر " دينا " اخته كابنتها و لم تشعرها يوما بانها يتيمة الام .
* * * * * * * * * *
علاء فى السيارة الاولى و معه بعض الاصدقاء .. و مؤمن وحمدى فى السيارة الثانية و معهم باقى الاصدقاء .
حمدى : يا بنى اهدا شوية هتقلب بينا العربية .
مؤمن : الطريق فاضى قدامنا .. خلينا نطيرررررررررر
حمدى : يا ابن المجنونة ......
مؤمن : انتا بتشتم امى ياض ؟؟
حمدى : خلاص يا عم مش قصدى ... بس هدى السرعة شوية عشان كدة مش هنوصل
مؤمن : مبسوط .. مبسوط اووووووووووى ... أحلى اجازة ف حياتى ..
وائل : هههههههههه هتبقا احلى يا مؤمن لو هديت السرعة شوية .
مؤمن : و النبى يا عم وائل خليك ف حالك ف الكرسى اللى ورا ده .. انتا اللى مارضتش تسوق
وائل : طيب بص قداامك ...
حمدى : حااااسب يا مؤمن ........
* * * * * * * * * *
مؤمن توفيق الصرفى .. شاب فى الثانية و العشرين من عمره , تخرج فى كلية التجارة منذ شهر واحد , و عمل بأحدى الشؤاطئ السياحية بـ الغردقة , هو بالطبع اصغر اخواته ( نهى و عزة ) , و علاقته بـ نهى قوية جدا , فالفرق بينهما ليس كبير , لذلك كانا كالصديقين الحميمين يخبران بعضهما كل شئ .
اما عن حمدى فؤاد الصرفى فهو فى الثالثة و العشرين من عمره , و تخرج فى كلية السياحة فى نفس العام , و عمل مع ابن عمه مؤمن فى الغردقة , كان قريب جدا من مؤمن كالاخيين لا يفترقا عن بعضهما , خاصة بعد وفاه والدته وهو فى سن الثانية عشر فاصبحت " ماجدة " والدة مؤمن كأمه بالضبط , و كانت تعتبر " دينا " اخته كابنتها و لم تشعرها يوما بانها يتيمة الام .
* * * * * * * * * *
تصل الى المستشفى و يستقبلها صديقه علاء , فقد التقت به من قبل و يعرفان بعضهما حق المعرفة , تساله عما حدث و هى فى حالة من الهلع و الفزع .
علاء : كنا نازلين اجازة اسبوع , وهوا قال يعملهالكوا مفاجأة , كان ف العربية اللى قدامنا ومعاه اتنين من صحابنا , و عملوا حادثة على الطريق الصحراوى .
قال علاء تلك الكلمات و قد خانته دموعه و شرع فى البكاء قبل ان يكمل حديثه .
وقعت تلك الكلمات كالصاعقة على مسامع نهى , تراجعت الى الوراء و القت بظهرها الى ذلك الحائط , ثم نظرت له بنظرات دامعة و ممزوجة بالدهشة , كأن هناك صراعا بعقلها يحاول ان يتوقع ما حدث لـ مؤمن .
نهى : مؤمن حصله حاجة ؟؟ .. رد عليا .. مؤمن فين ؟؟
قالت تلك الكلمات بصوت صارخ ناتج عن كثرة دموعها .
علاء : مؤمن فى اوضة العمليات , و حالته صعبة اوى , الدكاترة بيحاولوا ينقذوه .
نهى : يعنى ايه ؟؟ .. اخويا ممكن يموت , ممكن ما نشوفهوش تانى .
علاء : اهدى يا نهى , ان شاء الله هيبقى كويس , ادعيله .
نهى : اقول لماما ايه ؟... دى ممكن تموت فيها لو جراله حاجة .
علاء : عشان كدة ما رضيتش اتصل عالبيت و كلمتك انتى , انا عارف انك اقوى من كدة , خليكى قوية عشان مامتك و باباكى يا نهى .
نهى : انا لازم اكلم بابا , هقوله يجى على هنا , بس ازاى .؟؟.. كدة ماما هتعرف , اعمل ايه ؟
علاء : بلاش تكلمى باباكى .... عشان ... عشااان .....
نهى : عشان ايه ؟؟... هااه .. فى ايه تانى ؟؟..
علاء : حمدى ....
نهى : حمدى ... حمدى ابن عمى .. كان معاكوا ؟؟
علاء : ااه .. كان معانا ..
نهى : حصله حاجة ؟؟... هاه ؟؟
علاء : البقاء لله .
كانت تلك الكلمة بمسابة الضربة القاضية بالنسبة لـ نهى .. اخيها فى حالة خطرة و ابن عمها قد رحمه الله .. اى عذاب هذا ؟ ..
جلست مكانها و لم تقوى على النطق بأى كلمة اخرى , فقط دموع غزيرة , و نظرة ثابتة , و جسد اشبه بالمشلول , فكيف ستخبر ابيها بذلك , و ماذا ستفعل ان حدث شئ لـ مؤمن , و كيف ستخبر دينا ان اخيها توفاه الله , لم تنسى قط عمها و ماذا سيفعل بدون ابنه الوحيد , فهو كل ما يملك فى تلك الحياه , لم تكن تقوى على اى شئ , فقط الصمت .
قطع تلك اللحظات المريرة صوت علاء و هو يحدث الدكتور الذى خرج توا من غرفة العمليات
علاء : هاه يا دكتور طمنى .
الدكتور : احنا حاولنا كتير بس ... الحادثة كانت صعبة شوية و أثرت عليه .
علاء : قصدك ايه ؟..
الدكتور : للاسف الحادثة اصابت الحبل الشوكى , و ده هيسبب شلل سفلى .
نهى : يعنى ايه ؟.. اخويا مش هيقدر يوقف على رجليه تانى ؟؟؟ .. احنا ممكن نسفره بره .. نعمله اى عملية .. بس يوقف على رجليه تانى .
الدكتور : احنا نتمنى من ربنا ان يكون فى عملية تقدر تنقذه .. بس الامل ضعيف .. لو حابين نعمل تقرير شامل و حضرتك ممكن تبعتيه لمستشفيات المانيا , مش هكدب عليكى الطب هناك اتقدم جدا و العمليات دى بتكون فرصتها اكتر هناك .
علاء : يا ريت يا دكتور .. احنا ممكن نعمل اى حاجة بس هوا يقوم بالسلامة .
الدكتور : انا هبعت الملف بتاعه لمستشفى ف المانيا و نشوف الحالة يقدروا ينقذوها ولا لأ ..
نهى : ااه ... اخويا لازم يوقف على رجليه ..
يتركهما الدكتور و يذهب .. و تجلس نهى على الكرسى المجاور للغرفة و تبكى , ثم تحمل هاتفها و تتصل بـ حسن زوج اختها .
نهى : حسن ..
حسن : ايه يا نهى ؟... بتعيطى ليه ؟؟
نهى : انتا ف البيت ؟؟
حسن : لا فى الطريق اهو قربت اوصل .. انتى فين ؟؟
نهى : انا ف المستشفى .. هات عزة وتعالى .. محتجاكوا جمبى
حسن : مستشفى ليه ؟؟.. انتى كويسة ؟؟
نهى : مش انا .. مؤمن يا حسن ... مؤمن عمل حادثة وممكن ما يوقفش على رجله تانى .. وحمدى مات ...
حسن : ايه اللى انتى بتقوليه ده ؟؟ ادينى العنوان .. انا جاى حالا ..
* * * * * * * * * * *
حينما علم عمى و ابى ما حدث تحول وجههما الى الشيب الشديد , عمى اصبح كالميت الذى لم يتوقف قلبه بعد ولكنه ميت لا محال , كان من الصعب اخبارهما بوفاه حمدى , حتى انا كان من الصعب بالنسبة الىّ تصديق ذلك , و لكنهما سيعرفان لا محال , اما امى , فحالتها مختلفة تمام , لم تبكى , و لكنها دخلت الى غرفتها و لم تحدث اى احد , طلبنا منها البكاء و لكنها لم تجيبنا حتى , كانت الصدمة اكبر من ان تصدق , و لكن البكاء يريح احيانا , و لا تدعانى اتطرق الى دينا , ابنه عمى التى لم تستحمل الصدمة و آتتها حالة من الانهيار العصبى فأخذت تكسر كل شئ حولها و هى تبكى و تصرخ , حتى وقعت مغشيا عليها .
عزاء .. كل شئ اسود اللون .. حالة صعبة جدا امر بها انا و اهلى , كأن البيت تحول الى مقبرة كل ما بها باللون الاسود , لا اتحمل رؤية اهلى بذلك اللون .. ولا اعنى لون الملابس , بل اللون الذى ارتسم على وجوههم , موت حمدى قد اثر بالجميع , الى جانب ان مؤمن يجلس على كرسى متحرك و لا يتفوه بكلمة واحدة , فقد رفض النطق بعد موت اخيه الذى لم تلده امه , و ربما كان ذلك بسبب شعوره بالذنب , فهو من كان يقود تلك السيارة , لا اتحمل رؤيته هكذا , فهو يرفض التحدث حتى الىّ , فقط يحبس نفسه بغرفته ولا يريد ان يقابل احد .
* * * * * * * * *
بعد رحيل الناس الذين جاءوا ليحضروا العزاء , ذهبت الى غرفة اخى , كان يجلس فى كرسيه المتحرك بجوار الشباك , و لم يلتفت حتى الىّ عند دخولى الغرفة , جلست بجانبه , و وضعت يدى على يده ...
نهى : مؤمن .. مؤمن عشان خاطرى رد عليا .. انا محتجالك .. محتاجة اسمع صوتك .. و دينا كمان محتجالك .. انتا عارف ان حمدى كان كل حاجة بالنسبالها .
دمعت عيناه و سقطت اول قطره على يدى ... نظرت له و حاولت ان اجعله يتحدث الىّ .. لكنه اشاح بنظره بعيدا عنى .
كأنه يحاول الهرب , لا يريد ان يتحدث عما حدث .
نهى : يا مؤمن حرام اللى انتا بتعمله ف نفسك ده , انتا مالكش ذنب فى اللى حصل , ده قضاء ربنا .
و هنا يدخل حسن الى الغرفة ويخبرها ان تذهب لتطمأن على دينا , و التى بعد ما حدث اصرت نهى على ان تمكث معها فى نفس الغرفة , حتى عمها فقد اصر والد نهى ان يبقى معهم فى المنزل ولا يغادر , فربما كان ذلك لابعادهم عن المنزل الذى سيذكرهم بـ حمدى .
* * * * * * * * * *
تذهب نهى الى دينا , و التى منذ ان علمت بالخبر اعطاها الطبيب حقنة مهدئة و تركها ترتاح بالسرير , تدلف الى الغرفة تجدها مازالت نائمة على السرير و دموعها صامتة و هى تحتضن صورة اخيها الوحيد حمدى .
نهى : دينا .. عاملة ايه دلوقتى ؟؟
دينا : حمدى مات يا نهى , اخويا مات , مات و سابنى لوحدى , هوا وماما سابونى , ليه ؟؟.. طيب انا هعيش لمين ؟؟ .. ليه ما اخدتنيش معاهم ؟؟... ليه سبتنى لوحدى هنا ؟؟..
نهى : بس يا دينا .. بس ابوس ايدك .. ادعيله بالرحمة .. و بلاش تكفرى بربنا ..
دينا : ربنا يرحمه .. ربنا يرحمه ...
القت دينا بنفسها فى حضن نهى .. واخذت تبكى دون توقف ..
* * * * * * * * * * * *
عزة و معها مروان .. واخذت تصلى وتدعى لـ حمدى بالرحمة و تدعى لشفاء اخيها ...
اقترب منها منها مروان و هى تجلس فى الارض بعد ان انهت صلاتها ..
مروان : ماما .. هو انتوا ليه لابسين اسود ؟؟ .. و انتى رافعة ايدك و بتكلمى ميين ؟؟
عزة : بدعى لخالو مؤمن .. و خاله حمدى .. ادعيله يا مروان .. ادعى ربنا يرحم خالو حمدى و يشفى خالو مؤمن .
نظر لها مروان ابن الرابعة و لم يكن يعىّ الموقف .. فقد بدأ بتقليد والدته .. فرفع يده الى السماء و قال : ربنا يشفيك يا خالو مؤمن .. و ربنا يرحمك يا خالو حمدى و يخليك لينا ..
وهنا انهارت عزة فى البكاء , فكلمات الطفل الصغير بريئة جدا , هو لا يفهم معنى الموت .
* * * * * * * * * * * *
تعود ياسمينة من الكلية و تلقى بنفسها الى السرير و انهارت فى البكااء , ظلت لحظات على ذلك الحال , ثم أخذت تنقب فى درجها و اخرجت ورقا وصورا كثيرة واخذت تمزق فيها ............
نهى : يعنى ايه ؟.. اخويا مش هيقدر يوقف على رجليه تانى ؟؟؟ .. احنا ممكن نسفره بره .. نعمله اى عملية .. بس يوقف على رجليه تانى .
الدكتور : احنا نتمنى من ربنا ان يكون فى عملية تقدر تنقذه .. بس الامل ضعيف .. لو حابين نعمل تقرير شامل و حضرتك ممكن تبعتيه لمستشفيات المانيا , مش هكدب عليكى الطب هناك اتقدم جدا و العمليات دى بتكون فرصتها اكتر هناك .
علاء : يا ريت يا دكتور .. احنا ممكن نعمل اى حاجة بس هوا يقوم بالسلامة .
الدكتور : انا هبعت الملف بتاعه لمستشفى ف المانيا و نشوف الحالة يقدروا ينقذوها ولا لأ ..
نهى : ااه ... اخويا لازم يوقف على رجليه ..
يتركهما الدكتور و يذهب .. و تجلس نهى على الكرسى المجاور للغرفة و تبكى , ثم تحمل هاتفها و تتصل بـ حسن زوج اختها .
نهى : حسن ..
حسن : ايه يا نهى ؟... بتعيطى ليه ؟؟
نهى : انتا ف البيت ؟؟
حسن : لا فى الطريق اهو قربت اوصل .. انتى فين ؟؟
نهى : انا ف المستشفى .. هات عزة وتعالى .. محتجاكوا جمبى
حسن : مستشفى ليه ؟؟.. انتى كويسة ؟؟
نهى : مش انا .. مؤمن يا حسن ... مؤمن عمل حادثة وممكن ما يوقفش على رجله تانى .. وحمدى مات ...
حسن : ايه اللى انتى بتقوليه ده ؟؟ ادينى العنوان .. انا جاى حالا ..
* * * * * * * * * * *
حينما علم عمى و ابى ما حدث تحول وجههما الى الشيب الشديد , عمى اصبح كالميت الذى لم يتوقف قلبه بعد ولكنه ميت لا محال , كان من الصعب اخبارهما بوفاه حمدى , حتى انا كان من الصعب بالنسبة الىّ تصديق ذلك , و لكنهما سيعرفان لا محال , اما امى , فحالتها مختلفة تمام , لم تبكى , و لكنها دخلت الى غرفتها و لم تحدث اى احد , طلبنا منها البكاء و لكنها لم تجيبنا حتى , كانت الصدمة اكبر من ان تصدق , و لكن البكاء يريح احيانا , و لا تدعانى اتطرق الى دينا , ابنه عمى التى لم تستحمل الصدمة و آتتها حالة من الانهيار العصبى فأخذت تكسر كل شئ حولها و هى تبكى و تصرخ , حتى وقعت مغشيا عليها .
عزاء .. كل شئ اسود اللون .. حالة صعبة جدا امر بها انا و اهلى , كأن البيت تحول الى مقبرة كل ما بها باللون الاسود , لا اتحمل رؤية اهلى بذلك اللون .. ولا اعنى لون الملابس , بل اللون الذى ارتسم على وجوههم , موت حمدى قد اثر بالجميع , الى جانب ان مؤمن يجلس على كرسى متحرك و لا يتفوه بكلمة واحدة , فقد رفض النطق بعد موت اخيه الذى لم تلده امه , و ربما كان ذلك بسبب شعوره بالذنب , فهو من كان يقود تلك السيارة , لا اتحمل رؤيته هكذا , فهو يرفض التحدث حتى الىّ , فقط يحبس نفسه بغرفته ولا يريد ان يقابل احد .
* * * * * * * * *
بعد رحيل الناس الذين جاءوا ليحضروا العزاء , ذهبت الى غرفة اخى , كان يجلس فى كرسيه المتحرك بجوار الشباك , و لم يلتفت حتى الىّ عند دخولى الغرفة , جلست بجانبه , و وضعت يدى على يده ...
نهى : مؤمن .. مؤمن عشان خاطرى رد عليا .. انا محتجالك .. محتاجة اسمع صوتك .. و دينا كمان محتجالك .. انتا عارف ان حمدى كان كل حاجة بالنسبالها .
دمعت عيناه و سقطت اول قطره على يدى ... نظرت له و حاولت ان اجعله يتحدث الىّ .. لكنه اشاح بنظره بعيدا عنى .
كأنه يحاول الهرب , لا يريد ان يتحدث عما حدث .
نهى : يا مؤمن حرام اللى انتا بتعمله ف نفسك ده , انتا مالكش ذنب فى اللى حصل , ده قضاء ربنا .
و هنا يدخل حسن الى الغرفة ويخبرها ان تذهب لتطمأن على دينا , و التى بعد ما حدث اصرت نهى على ان تمكث معها فى نفس الغرفة , حتى عمها فقد اصر والد نهى ان يبقى معهم فى المنزل ولا يغادر , فربما كان ذلك لابعادهم عن المنزل الذى سيذكرهم بـ حمدى .
* * * * * * * * * *
تذهب نهى الى دينا , و التى منذ ان علمت بالخبر اعطاها الطبيب حقنة مهدئة و تركها ترتاح بالسرير , تدلف الى الغرفة تجدها مازالت نائمة على السرير و دموعها صامتة و هى تحتضن صورة اخيها الوحيد حمدى .
نهى : دينا .. عاملة ايه دلوقتى ؟؟
دينا : حمدى مات يا نهى , اخويا مات , مات و سابنى لوحدى , هوا وماما سابونى , ليه ؟؟.. طيب انا هعيش لمين ؟؟ .. ليه ما اخدتنيش معاهم ؟؟... ليه سبتنى لوحدى هنا ؟؟..
نهى : بس يا دينا .. بس ابوس ايدك .. ادعيله بالرحمة .. و بلاش تكفرى بربنا ..
دينا : ربنا يرحمه .. ربنا يرحمه ...
القت دينا بنفسها فى حضن نهى .. واخذت تبكى دون توقف ..
* * * * * * * * * * * *
عزة و معها مروان .. واخذت تصلى وتدعى لـ حمدى بالرحمة و تدعى لشفاء اخيها ...
اقترب منها منها مروان و هى تجلس فى الارض بعد ان انهت صلاتها ..
مروان : ماما .. هو انتوا ليه لابسين اسود ؟؟ .. و انتى رافعة ايدك و بتكلمى ميين ؟؟
عزة : بدعى لخالو مؤمن .. و خاله حمدى .. ادعيله يا مروان .. ادعى ربنا يرحم خالو حمدى و يشفى خالو مؤمن .
نظر لها مروان ابن الرابعة و لم يكن يعىّ الموقف .. فقد بدأ بتقليد والدته .. فرفع يده الى السماء و قال : ربنا يشفيك يا خالو مؤمن .. و ربنا يرحمك يا خالو حمدى و يخليك لينا ..
وهنا انهارت عزة فى البكاء , فكلمات الطفل الصغير بريئة جدا , هو لا يفهم معنى الموت .
* * * * * * * * * * * *
تعود ياسمينة من الكلية و تلقى بنفسها الى السرير و انهارت فى البكااء , ظلت لحظات على ذلك الحال , ثم أخذت تنقب فى درجها و اخرجت ورقا وصورا كثيرة واخذت تمزق فيها ............
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق