الحلقة الرابعة
* * * * * *
تخرج هالة تنتظر فى السيارة حتى يدفع حسن الحساب , يخرج بعدها حسن و
لكنها يصادف حسناء عند باب المطعم فيقف ليسلم عليها ...
لحظات طويلة من الثرثرة , تراقبها هالة من زجاج السيارة
حسن : بس صدفة غريبة اوى , و لا انتى بقي بتراقبينى ؟
حسناء : هههههههههه , اه انا براقبك وماشية وراك , عنك اعتراض يعنى ؟
حسن : لا يا كبير براحتك , انت تعمل اللى انت عايزه
حسناء : بحسب .. ههههههههههههههه
حسن : المهم انتى ايه اخبارك ؟
حسناء : تمام , الحمدلله , و انتَ ؟
حسن : عايش
.
حسناء : ايه التشاؤم ده بس ؟
حسن : لا مش تشاؤم عادى يعنى
و هنا تأتى هالة و تقف امامه , و فى نفس اللحظة يتحرك احمد من مكانه
ذاهبا للبحث عن حسناء التى تغيبت كثيرا من وجهه نظره
هالة : ايه يا حسن , مش تعبان و عايز تنام ؟
حسن : اه , سورى يا هالة الكلام اخدنى بس مع حسناء .
هالة : مممممممم . طيب انا مستنياك ف العربية
حسن : طيب مش تتعرفى عليها الاول ؟
احمد : حسناء .. ايه كل ده قلقتينى عليكى ؟
حسناء : مفيش حاجة يا حبيبى , انا بس كنت بكلم حسن زميلى ف الشغل .
و يتبادل حسن و احمد السلام بينما تقف هالة مترقبة للموقف .
حسن : طيب استأذن انا بقي , عشان متأخر و خطيبتى مستنيانى .
حسناء : تمام , اشوفك ف الشركة .
موقف غريب جدا , " خطيبته " و لكن , .. كيف ؟؟!! , لم ارى
يوما "دبلة" فى يده ؟؟ , لما ... و لكن كيف , لا يصدق قلبى , لا اراه
يتحدث عنها مطلقا , و لا يضع خاتم الخطبة فى اصبعه , و لم اجد بينهم ذلك الاحساس
بين العاشقين , فغالبا ما تكون هالة من نوع خاص تحيط بالعاشقين , فتجعلهم دائما
قريبين من بعضهما , كأنها وثاق قوى يربطهم معا , او انهما كأجنحة كيوبيد , جناح
لها و جناح لها , فهما يكملان بعضهما , و لكتنى لم ارى اى اجنحة تلك الليلة , ربما
ريبة الموقف رسمت على وجهى قناع اسود اللون احال الرؤية بيننا , ربما ....
تمر الايام و لا يتحدث حسن و حسناء عن تلك الليلة مرة اخرى , و لكن
التعامل بينهما عاديا جدا كما كان .
ينقضى الاسبوع ثم الاسبوع الذى يليه حتى يأتى موعد زيارة حسناء و والدتها
الى الاسكندرية حيث يقع منزل اخيها أحمد , فمنذ ان تزوج و هو يعيش
بالاسكندرية .
تجلس حسناء بالسيارة و تترك نفسها للاحساس بالهواء بمجرد مرمرها بوابة
الاسكندرية , فالهواء هنا مختلف , فرذاذ البحر امتزج بالهواء جعل رائحة اليود التى
يستنشقها الزائر يشعر انه عطر مختلف , عطر يجعلك تربط بين تلك اللحظة و جميع
اللحظات التى مرت عليك فى تلك المدينة الساحلية .
تذكرت حسناء اول زيارة لها الى الاسكندرية بعد ان حصلت على شهادة
الثانوية العامة , فقررت ان تأتى الى الاسكندرية كل عام هى و عائلتها , و عندما
طلبت ذلك من والدها كان مرحبا جدا بتلك الفكرة لانها ستكون فرصة جيدة ان يذهبوا
الى احمد اخيها الذى تزوج فى نفس العام و انتقل الى الاسكندرية .
اتصال هاتفى يقطع تفكيرها , فقد كانت " وفاء " زوجة اخيها
تطمئن عليه , و كانت تلك المكالمة كالشرارة التى اشعلت وقود تفكيرها , فأخذت تفكر
كيف سيكون التعامل بينهما , فهما ليسا على وفاق جيد منذ وفاه والدها ..
وفاء : مش عارفة انتى ازاى مستحملة تبصى ف عين مامتك ؟
حسناء : قصدك ايه ؟
وفاء : يعنى الوضع بيتنكم عادى كدة ؟ , هيا مش ناسية انك انتى السبب ف
موت باباكى ؟
حسناء : وفاء .... انا ما اسمحلكيش تتكلمى كدة , و ما تجيبيش سيرة
بابا الله يرحمه
.
وفاء : الله هو انا اللى قتلته ؟
حسناء : قتلته ؟!!! , قصدك ايه ؟
وفاء : انتى عارفة قصدى ايه كويس يا حسناء , لا كلنا عارفين , و انتى
متاكدة انك انتى السبب ف موت عمى .
حسناء : بس يا وفاء , بس ... انا مش عايزة اسمع اى كلمة تانية .
وفاء : اهو انتى كدة , مش عايزة تسمعى ابدا الحقيقة , انتى تعرفى انى
بسببك بردو جوزى كان هيروح منى ؟ , الحالة اللى دخل فيها بعد موت باباه كانت
بتقطعنى من جواه , كل ده و انتى مش حاسة انك غلطانة ؟ , صدقينى يا حسناء جوزى لو
كان جراله حاجة مكنش هيكفينى عمرك قصاده .
حسناء : ده اخويا قبل ما يكون جوزك , و لا انتى مش واخدة بالك ؟؟ ,
انتى ازاى بتتهمينى بكل ده ؟ , و كمان بتهددينى ؟
وفاء : بلاش بس دموع التماسيح دى , اصلى مش هصدقها خالص .
حسناء : ربنا يسامحك ..
و تتركها حسناء و تذهب ..
منذ تلك الحظات و هما على خلاف دائم , كانت كلمات وفاء بدافع الحب ,
فهى تخاف على احمد زوجها ليس اكتر , اما حسناء فقد كانت تلك الكلمات بمسابة طعنات
لها , كيف تتهمها بانها قتلت والدها , و بالرغم من ذلك تغاضت حسناء عن ذلك لاجل
اخيها , حتى انها عاتبته لانه تشاجر مع وفاء بسبب تلك الكلمات التى وجهتها لاخته .
تصل السيارة امام البيت , تنزل حسناء و تنظر الى اعلى فتجد حسناء
الصغيرة تلوح لها و هى تنادى عليها " عمتو حسناء "
تصعد الى الشقة مع اخيها و والدتها فتستقبلها حسناء الصغيرة , فتغمرها
بالاحضان و القبلات المتلاحقة .
تقف حسناء و تعتدل فى وقفتها , ثم تمد يدها الى وفاء .
حسناء : ازيك يا وفاء عاملة ايه ؟؟
وفاء : الحمدلله , و انتى عاملة ايه ؟
حسناء : تمام الحمدلله .
و بعد تبادل السلام و الترحيب بهما يجلس الجميع حول مائدة الطعام ,
يتبادلون الحديث و لكن الردود قليلة جدا , فيصبح الموقف اقرب الى الصمت .
بعد تناول الطعام تجلس وفاء و مديحة والدة احمد وحسناء يتبادلون
الحديث و معهم الطفلة حسناء و التى جلست فى احضان جدتها حتى نامت .
اما حسناء و احمد فجلسا فى الشرفة يتحدثان وحدهما .
احمد : بس ,, سألتها زى ما انتى قولتيلى و حاولت افهم وجهه نظرها .
حسناء : طيب و قالتلك ايه ؟
احمد : هيا خايفة ..
حسناء : خايفة ؟ , من ايه ؟
احمد : خايفة ما تقدرش على طفلين , بتقول انها عايزة تربى حسناء كويس
و خايفة تقصر ف تربيتها لو بقي عندها طفل تانى . و خصوصا انها هنا ف اسكندرية
لوحدها , انتى عارفة ان اهلها عايشين ف السعودية .
حسناء : طيب و احنا روحنا فين يا احمد ؟
احمد : ما انا قولتلها كدة , بس ..
حسناء : هيا مش عايزة منا اى مساعدة ..
احمد : لا مش كدة و الله .. بالعكس , هيا محرجة منك اصلا , حاسة انها
غلطانة اوى ف حقك , قالتلى انها ندمانة على الى قالته و على كل المواقف اللى كانت
بينكوا , خصوصا لما قولتلها انك انتى الى خلتينى ارجع تانى عشان اتكلم معاها .
حسناء : احمد .. عشان خاطرى , انا مش عايزة افتكر الموضوع ده ف يا ريت
بلاش نتكلم فيه تانى
.
احمد : انتى لسة حاسة بالذنب ف موت بابا ؟
حسناء : احمد .... عشان خاطرى
احمد : حسناء انتى مالكيش ذنب , ليه مش عايزة تقتنعى , ده قضاء ربنا ,
و نقول الحمدلله على كل حال .
حسناء : بس بسببى بردو
احمد : لا مش بسببك ...
حسناء : ممكن بلاش نتكلم ف الموضوع ده .
احمد : طيب طيب , خلاص , ممكن ما تعيطيش بقي .
حسناء : طيب
احمد : يالا بقي قومى نامى انتى تلاقيكى تعبانة من السفر اصلا .
حسناء : مممممممم انا فعلا تعبانة اووى .
* * * * * * * * *
يقترب منها حسن , فتصرخ مستنجدة بـ ماجد .. تبكى كثيرا , و ما زال حسن
مصرا على الاقتراب منها , يحاول ان يضع يده على كتفيها و لكنها اخذت تحرك يداها فى
الهواء ليبتعد عنها , كطفلة صغيرة تغرق فى مياه بحر عميق فأخذت تجدف بيدها فى
حركات غير منتظمة , مجرد احساسها انها ستنجو هو مجرد احساس حسناء بانها ستبعد حسن
عنها , تبدأ فى اصدار ضربات متتالية على كتفه حتى يبتعد و لكنه ما زال مصرا على ان
يظل قريب , كان يريد ان يحادثها
حسن : حسناء , انتِ ليه بتبعدى عنى ؟ , انا حسن حبيبك , صح ؟ , على
الاقل ردى عليا , عايز اسمع صوتك , انتى بتعاقبينى على ذنب انا مش عارفه ؟
مازالت حسناء تأبى الكلام , و لكنها ابتعدت عن ذلك الركن و ذهبت فى
اتجاه ماجد , فطمست وجهها خلفه خوفا من حسن
حسن : انتى بتبعدى عنى ؟ , مش انتى اللى كنتى بتقولى انى حبيبك و انى
اكتر واحد بتحسى معاه بالامان ؟ , دلوقتى خايفة منى ؟ , انا عملتلك ايه طيب ؟ ,
عاقبينى بس عالاقل ابقي عارف انتى بتعاقبينى على ايه ؟
بكاء و نحيب من حسناء جعل عيناى حسن تنزف دموعا بغزارة , فهو لا يتحمل
تلك الدموع و التى يعلم انه سببا فيها , تركها و غادر الغرفة .
جلست حسناء على سريرها , و اخذت تهدأ ببطء شديد , و جلس ماجد بجوارها
و اخذ يربت على يدها , نظرت له نظرة الم كانها تشكو اليه , كانه تقول له "
كيف حدث ذلك ؟ " , يحاول ماجد تهدأتها ثم يتركها لترتاح و يغادر المستشفى ,
يتصل بـ هالة و يتفقا على ان يذهب اليها , ثم يتصل بـ حسن ليعرف مكانه , فيعلم انه
عاد الى منزل والدته , يخبره انه سيقضى بعض المساوير و سيتقابلا فى المساء .
يذهب ماجد الى هالة , و يتحدثان سويا .
هالة : حسن عامل ايه ؟
ماجد : زى ما هو , لسة مكتئب و حابس نفسه .
هالة : انا مش فاهمة ليه كل ده ؟
ماجد : انا هفهمك ليه , بس انا عايز اعرف انتى قولتى ايه لـ حسناء يخليها تبقي كدة ؟ , ليه ظلمتيها و ظلمتى حسن ؟
ماجد : انا هفهمك ليه , بس انا عايز اعرف انتى قولتى ايه لـ حسناء يخليها تبقي كدة ؟ , ليه ظلمتيها و ظلمتى حسن ؟
هالة : انا ما ظلمتش حد , بس ده جوزى , انا مش عارفة هو بيعمل كدة ليه
و بيعاقبنى من غير ما يسمعنى .
ماجد : يمكن عشان حسناء بردو بتعاقبه من غير ما تفهمه , و ده طبعا
لانها اصلا ما اتكلمتش
هالة : انتوا ليه بتحملونى انا الذنب ده ؟
ماجد : هالة .. انتى عارفة كويس حسناء تبقي ايه بالنسبالى ؟ , حسناء
دى اختى اللى عمرى ما هسمح لاى حد انه يأذيها و حسن كمان اخويا و انا مش قادر
اشوفهم هما الاتنين ف الحالة دى , انتى لازم تفهمى انى مش بحملك انتى الذنب , بس
بردو انتى لازم تفهمى كل حاجة .. حسن و حسناء مش مجرد اتنين صحابى , احنا
التلاتة صحاب من زمان اه , بس هما .....
يتبع
....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق