الأربعاء، 28 مايو 2014

حبة الفراولة #4


الحلقة الرابعة 
* * * * * *
تخرج هالة تنتظر فى السيارة حتى يدفع حسن الحساب , يخرج بعدها حسن و لكنها يصادف حسناء عند باب المطعم فيقف ليسلم عليها ...
لحظات طويلة من الثرثرة , تراقبها هالة من زجاج السيارة
حسن : بس صدفة غريبة اوى , و لا انتى بقي بتراقبينى ؟
حسناء : هههههههههه , اه انا براقبك وماشية وراك , عنك اعتراض يعنى ؟
حسن : لا يا كبير براحتك , انت تعمل اللى انت عايزه
حسناء : بحسب .. ههههههههههههههه
حسن : المهم انتى ايه اخبارك ؟
حسناء : تمام , الحمدلله , و انتَ ؟
حسن : عايش .
حسناء : ايه التشاؤم ده بس ؟
حسن : لا مش تشاؤم عادى يعنى
و هنا تأتى هالة و تقف امامه , و فى نفس اللحظة يتحرك احمد من مكانه ذاهبا للبحث عن حسناء التى تغيبت كثيرا من وجهه نظره
هالة : ايه يا حسن , مش تعبان و عايز تنام ؟
حسن : اه , سورى يا هالة الكلام اخدنى بس مع حسناء .
هالة : مممممممم . طيب انا مستنياك ف العربية
حسن : طيب مش تتعرفى عليها الاول ؟
احمد : حسناء .. ايه كل ده قلقتينى عليكى ؟
حسناء : مفيش حاجة يا حبيبى , انا بس كنت بكلم حسن زميلى ف الشغل .
و يتبادل حسن و احمد السلام بينما تقف هالة مترقبة للموقف .
حسن : طيب استأذن انا بقي , عشان متأخر و خطيبتى مستنيانى .
حسناء : تمام , اشوفك ف الشركة .

موقف غريب جدا , " خطيبته " و لكن , .. كيف ؟؟!! , لم ارى يوما "دبلة" فى يده ؟؟ , لما ... و لكن كيف , لا يصدق قلبى , لا اراه يتحدث عنها مطلقا , و لا يضع خاتم الخطبة فى اصبعه , و لم اجد بينهم ذلك الاحساس بين العاشقين , فغالبا ما تكون هالة من نوع خاص تحيط بالعاشقين , فتجعلهم دائما قريبين من بعضهما , كأنها وثاق قوى يربطهم معا , او انهما كأجنحة كيوبيد , جناح لها و جناح لها , فهما يكملان بعضهما , و لكتنى لم ارى اى اجنحة تلك الليلة , ربما ريبة الموقف رسمت على وجهى قناع اسود اللون احال الرؤية بيننا , ربما ....

تمر الايام و لا يتحدث حسن و حسناء عن تلك الليلة مرة اخرى , و لكن التعامل بينهما عاديا جدا كما كان .

ينقضى الاسبوع ثم الاسبوع الذى يليه حتى يأتى موعد زيارة حسناء و والدتها الى الاسكندرية   حيث يقع منزل اخيها أحمد , فمنذ ان تزوج و هو يعيش بالاسكندرية .
تجلس حسناء بالسيارة و تترك نفسها للاحساس بالهواء بمجرد مرمرها بوابة الاسكندرية , فالهواء هنا مختلف , فرذاذ البحر امتزج بالهواء جعل رائحة اليود التى يستنشقها الزائر يشعر انه عطر مختلف , عطر يجعلك تربط بين تلك اللحظة و جميع اللحظات التى مرت عليك فى تلك المدينة الساحلية .
تذكرت حسناء اول زيارة لها الى الاسكندرية بعد ان حصلت على شهادة الثانوية العامة , فقررت ان تأتى الى الاسكندرية كل عام هى و عائلتها , و عندما طلبت ذلك من والدها كان مرحبا جدا بتلك الفكرة لانها ستكون فرصة جيدة ان يذهبوا الى احمد اخيها الذى تزوج فى نفس العام و انتقل الى الاسكندرية
اتصال هاتفى يقطع تفكيرها , فقد كانت " وفاء " زوجة اخيها تطمئن عليه , و كانت تلك المكالمة كالشرارة التى اشعلت وقود تفكيرها , فأخذت تفكر كيف سيكون التعامل بينهما , فهما ليسا على وفاق جيد منذ وفاه والدها .. 

وفاء : مش عارفة انتى ازاى مستحملة تبصى ف عين مامتك ؟ 
حسناء : قصدك ايه ؟ 
وفاء : يعنى الوضع بيتنكم عادى كدة ؟ , هيا مش ناسية انك انتى السبب ف موت باباكى ؟ 
حسناء : وفاء .... انا ما اسمحلكيش تتكلمى كدة , و ما تجيبيش سيرة بابا الله يرحمه
وفاء : الله هو انا اللى قتلته ؟ 
حسناء : قتلته ؟!!! , قصدك ايه ؟ 
وفاء : انتى عارفة قصدى ايه كويس يا حسناء , لا كلنا عارفين , و انتى متاكدة انك انتى السبب ف موت عمى
حسناء : بس يا وفاء , بس ... انا مش عايزة اسمع اى كلمة تانية
وفاء : اهو انتى كدة , مش عايزة تسمعى ابدا الحقيقة , انتى تعرفى انى بسببك بردو جوزى كان هيروح منى ؟ , الحالة اللى دخل فيها بعد موت باباه كانت بتقطعنى من جواه , كل ده و انتى مش حاسة انك غلطانة ؟ , صدقينى يا حسناء جوزى لو كان جراله حاجة مكنش هيكفينى عمرك قصاده
حسناء : ده اخويا قبل ما يكون جوزك , و لا انتى مش واخدة بالك ؟؟ , انتى ازاى بتتهمينى بكل ده ؟ , و كمان بتهددينى ؟ 
وفاء : بلاش بس دموع التماسيح دى , اصلى مش هصدقها خالص
حسناء : ربنا يسامحك ..
و تتركها حسناء و تذهب .. 
منذ تلك الحظات و هما على خلاف دائم , كانت كلمات وفاء بدافع الحب , فهى تخاف على احمد زوجها ليس اكتر , اما حسناء فقد كانت تلك الكلمات بمسابة طعنات لها , كيف تتهمها بانها قتلت والدها , و بالرغم من ذلك تغاضت حسناء عن ذلك لاجل اخيها , حتى انها عاتبته لانه تشاجر مع وفاء بسبب تلك الكلمات التى وجهتها لاخته

تصل السيارة امام البيت , تنزل حسناء و تنظر الى اعلى فتجد حسناء الصغيرة تلوح لها و هى تنادى عليها " عمتو حسناء
تصعد الى الشقة مع اخيها و والدتها فتستقبلها حسناء الصغيرة , فتغمرها بالاحضان و القبلات المتلاحقة
تقف حسناء و تعتدل فى وقفتها , ثم تمد يدها الى وفاء
حسناء : ازيك يا وفاء عاملة ايه ؟؟ 
وفاء : الحمدلله , و انتى عاملة ايه ؟
حسناء : تمام الحمدلله

و بعد تبادل السلام و الترحيب بهما يجلس الجميع حول مائدة الطعام , يتبادلون الحديث و لكن الردود قليلة جدا , فيصبح الموقف اقرب الى الصمت

بعد تناول الطعام تجلس وفاء و مديحة والدة احمد وحسناء يتبادلون الحديث و معهم الطفلة حسناء و التى جلست فى احضان جدتها حتى نامت

اما حسناء و احمد فجلسا فى الشرفة يتحدثان وحدهما
احمد : بس ,, سألتها زى ما انتى قولتيلى و حاولت افهم وجهه نظرها
حسناء : طيب و قالتلك ايه ؟
احمد : هيا خايفة .. 
حسناء : خايفة ؟ , من ايه ؟ 
احمد : خايفة ما تقدرش على طفلين , بتقول انها عايزة تربى حسناء كويس و خايفة تقصر ف تربيتها لو بقي عندها طفل تانى . و خصوصا انها هنا ف اسكندرية لوحدها , انتى عارفة ان اهلها عايشين ف السعودية
حسناء : طيب و احنا روحنا فين يا احمد ؟ 
احمد : ما انا قولتلها كدة , بس .. 
حسناء : هيا مش عايزة منا اى مساعدة .. 
احمد : لا مش كدة و الله .. بالعكس , هيا محرجة منك اصلا , حاسة انها غلطانة اوى ف حقك , قالتلى انها ندمانة على الى قالته و على كل المواقف اللى كانت بينكوا , خصوصا لما قولتلها انك انتى الى خلتينى ارجع تانى عشان اتكلم معاها
حسناء : احمد .. عشان خاطرى , انا مش عايزة افتكر الموضوع ده ف يا ريت بلاش نتكلم فيه تانى
احمد : انتى لسة حاسة بالذنب ف موت بابا ؟
حسناء : احمد .... عشان خاطرى 
احمد : حسناء انتى مالكيش ذنب , ليه مش عايزة تقتنعى , ده قضاء ربنا , و نقول الحمدلله على كل حال
حسناء : بس بسببى بردو 
احمد : لا مش بسببك ... 
حسناء : ممكن بلاش نتكلم ف الموضوع ده
احمد : طيب طيب , خلاص , ممكن ما تعيطيش بقي
حسناء : طيب 
احمد : يالا بقي قومى نامى انتى تلاقيكى تعبانة من السفر اصلا
حسناء : مممممممم انا فعلا تعبانة اووى

* * * * * * * * *

يقترب منها حسن , فتصرخ مستنجدة بـ ماجد .. تبكى كثيرا , و ما زال حسن مصرا على الاقتراب منها , يحاول ان يضع يده على كتفيها و لكنها اخذت تحرك يداها فى الهواء ليبتعد عنها , كطفلة صغيرة تغرق فى مياه بحر عميق فأخذت تجدف بيدها فى حركات غير منتظمة , مجرد احساسها انها ستنجو هو مجرد احساس حسناء بانها ستبعد حسن عنها , تبدأ فى اصدار ضربات متتالية على كتفه حتى يبتعد و لكنه ما زال مصرا على ان يظل قريب , كان يريد ان يحادثها
حسن : حسناء , انتِ ليه بتبعدى عنى ؟ , انا حسن حبيبك , صح ؟ , على الاقل ردى عليا , عايز اسمع صوتك , انتى بتعاقبينى على ذنب انا مش عارفه ؟
مازالت حسناء تأبى الكلام , و لكنها ابتعدت عن ذلك الركن و ذهبت فى اتجاه ماجد , فطمست وجهها خلفه خوفا من حسن
حسن : انتى بتبعدى عنى ؟ , مش انتى اللى كنتى بتقولى انى حبيبك و انى اكتر واحد بتحسى معاه بالامان ؟ , دلوقتى خايفة منى ؟ , انا عملتلك ايه طيب ؟ , عاقبينى بس عالاقل ابقي عارف انتى بتعاقبينى على ايه ؟

بكاء و نحيب من حسناء جعل عيناى حسن تنزف دموعا بغزارة , فهو لا يتحمل تلك الدموع و التى يعلم انه سببا فيها , تركها و غادر الغرفة .
جلست حسناء على سريرها , و اخذت تهدأ ببطء شديد , و جلس ماجد بجوارها و اخذ يربت على يدها , نظرت له نظرة الم كانها تشكو اليه , كانه تقول له " كيف حدث ذلك ؟ " , يحاول ماجد تهدأتها ثم يتركها لترتاح و يغادر المستشفى , يتصل بـ هالة و يتفقا على ان يذهب اليها , ثم يتصل بـ حسن ليعرف مكانه , فيعلم انه عاد الى منزل والدته , يخبره انه سيقضى بعض المساوير و سيتقابلا فى المساء

يذهب ماجد الى هالة , و يتحدثان سويا
هالة : حسن عامل ايه ؟ 
ماجد : زى ما هو , لسة مكتئب و حابس نفسه
هالة : انا مش فاهمة ليه كل ده ؟
ماجد : انا هفهمك ليه , بس انا عايز اعرف انتى قولتى ايه لـ حسناء يخليها تبقي كدة ؟ , ليه ظلمتيها و ظلمتى حسن ؟ 
هالة : انا ما ظلمتش حد , بس ده جوزى , انا مش عارفة هو بيعمل كدة ليه و بيعاقبنى من غير ما يسمعنى
ماجد : يمكن عشان حسناء بردو بتعاقبه من غير ما تفهمه , و ده طبعا لانها اصلا ما اتكلمتش 
هالة : انتوا ليه بتحملونى انا الذنب ده ؟ 
ماجد : هالة .. انتى عارفة كويس حسناء تبقي ايه بالنسبالى ؟ , حسناء دى اختى اللى عمرى ما هسمح لاى حد انه يأذيها و حسن كمان اخويا و انا مش قادر اشوفهم هما الاتنين ف الحالة دى , انتى لازم تفهمى انى مش بحملك انتى الذنب , بس بردو انتى  لازم تفهمى كل حاجة .. حسن و حسناء مش مجرد اتنين صحابى , احنا التلاتة صحاب من زمان اه , بس هما .....

يتبع .... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق