الثلاثاء، 4 فبراير 2014

لا تتركنى #10

الحلقة العاشرة 
**********
تستيقظ دينا و تنظر طويلا الى سقف الغرفة , تفكر فيما قالته لـ نهى , هل كانت على صواب ام على خطأ ؟ , كيف تطلب منها ذلك الطلب و هى تعلم جيدا الظروف التى يمرون بها , الظروف التى تمر هى ايضا بها . 
تتحرك فى الغرفة وهى تفكر فى امر الاموال اللازمة للعملية , وكيف ان نهى تحمل كل شئ على عاتقها دون ان تطلب مساعدة احد . 
قبل ان تذهب دينا الى غرفة مؤمن كما طلب منها تذهب لتتحدث مع والدها . 

تستيقظ نهى قبل ذلك و تغادر المنزل , تغادر وهى لا تعلم الى اين , و لكنها كانت فى حاجة الى الهروب , و لكن الهروب من ماذا ؟ , هى فقط مشوشة ولا تعلم  ما تفعله , ذلك الصداع المزعج الذى لم يسمح لها بالنوم طوال الليل , تفكر فى ان لا تفكرلا اطلاقا , تحاول ان تقنع عقلها ان لا يفكر اطلاقا , وتلك هى المشكله الاصعب . 
تذهب الى المكتب , تكتب قليلا كنوع من الهروب لا اكثر , ثم تغادر المكتب و تسير هائمة فى الشوارع حتى يأتى موعد المستشفى فتذهب و تكمل اجراءات السفر و تعود الى المنزل , و بعد ان تستريح قليلا يطلبها عمها للتحدث معها . 
فؤاد : خدى يا نهى ..
نهى : ايه ده ؟
فؤاد : دول 100 الف جنيه , خليهم معاكى يمكن تحتاجيهم وانتى ف المانيا . 
تنظر نهى سريعا الى دينا و ترمقها بنظرة معاتبة . 
نهى : عمى انا مش محتاجة الفلوس دى , انا خلاص دبرت فلوس العملية , خليهم معاك يا عمى , لو احتجت حاجة هبقا اقولك .
فؤاد : يا بنتى انتى هتحتاجى الفلوس دى , انتى ما تضمنيش الحياه تبقا عاملة ازااى هناك , وانتى هتفضلى هناك اسبوعين عالاقل , خلى الفلوس معاكى .
نهى : يا عمى بس ....
فؤاد : نهى .. خلاص يا بنتى بلاش تحسينى انى غريب , الفلوس دى كنت شايلها عشان حمدى , و حمدى خلاص انا واثق انه مش هيحتاجها تانى . 
دمعت عيناها و استدارت فجأة حتى تخفى وجهها عنهم . 
دينا : خدى الفلوس يا نهى و خليها معاكى . 
تاخذ نهى الاموال التى اعطاها لها عمها , و كان ذلك الحديث فى منزل عمها , فقد قرر هو و دينا ان يعودا مرة اخرى الى منزلهما , فمنذ الحادث و هما يجلسان فى شقة توفيق . 

                              * * * * * * * * * *
فى الجانب الاخر .. ياسمينة 
تغلق الباب , و تنهيدة قوية توصف كل ما بها , كأنها فراشة صغيرة تطير بين الورود , قلبها يرفرف كعلم ابيض فوق سماء ارض خضراء يكللها الورد الاحمر , انه احساس الحب , والاجمل انه احساس الاهتمام , فهى تشعر باهتمام مراد الغير متوقع , فهى لم تتخيل يوما ان تتعرف على مراد بذلك الشكل , ان يتدثان و يسهران معا , حتى ان تحصل على رقم هاتفه شئ رائع , و احساس ينم على اهتمامه به و ربما الاعجاب المتبادل بينهما .
تنام و فى عقلها الف فكرة , افكار تنتج من قلبها لا عقلها .. تستيقظ قبل موعدها و تجلس على السرير تفكر بالليلة الماضية , تتحرك فى الغرفة فى منتهى النشاط و الحيوية بالرغم من انها دائما تتكاسل عن النهوض مبكرا , و لكن ربما كان الدافع هو مقابلة مراد , فكل ذلك من اجله بالطبع , و الا لما كانت وقفت امام المرآه طويلا و تقلب و تقلب خزانتها رأسا على عقب حتى تختار ما يناسبها من الملابس , و بعد ان تجهز تحمل هاتفها وهى فى شدة التوتر و الخجل و تتصل على رقم مراد , يجهز مراد ثم تذهب معه ياسمينة الى الكلية ... 

فى السيارة ....
مراد : هتفضلى ساكتة كدة ؟؟
ياسمينة : اقول ايه ؟ 
مراد : بردو هتساليى انا .. قولى اى حاجة .
ياسمينة : ممممممم طيب .
مراد : ههههههههههه انتى كدة قولتى يعنى ؟
ياسمينة : الله بقى , ما انا مش عارفة اقول ايه صراحة يعنى 
مراد : انا عايزة اسمعك بتقولى اى حاجة 
ياسمينة : طيب ما تتكلم انتا يا مراد و لا ايه ؟
مراد : انتى قولتى ايه ؟؟
ياسمينة : ايه ؟؟
مراد : قولى كدة تانى ...
ياسمينة : اقول ايه ؟
مراد : اسمى , اول مرة اسمع اسمى حلو اووى كدة 
ياسمينة : :) :) .. خضتنى على فكرة .
مراد : بس شكلك حلو وانتى مكسوفة كدة , و شك احمر , و عنيكى بتلمع , اول مرة اشوف الجمال ده بجد 
ياسمينة : احم ....
مراد : لا انا هفضل اقول كدة انتى بقيتى شبه الفراولة اصلا 
ياسمينة : ههههههههههههههههه , طيب خلاص بقى ركز ف الطريق مش هنوصل كدة . 
مراد : طيب خلاص , انتى تؤمرى 

                            * * * * * * * * * * 

مرت الايام سريعا .. و كان اليوم الذى يسبق السفر يوما حافلا بالنسبة لـ نهى , و لكن اهم حدث بها انها قد التقت بالصدفة بـ خالد امام المستشفى , فالشركة التى يعلم بها فى نفس الشارع , تحدثا طويلا و هو فى طريقه الى منزلها , فقد عرض عليها ان يوصلها وقد وافقت هذه المرة . 
ربما كانت موافقتها هذه المرة لانها تحتاج الى التحدث الى شخصا ما لا يحملها هموما و اثقالا اكثر مما تحمله على اكتافاها , فقد شعرت ان ربما خالد يخفف عنها تلك الهموم , و ربما كانت تريد ان تعوضه عن تعاملها معه فى اخر مرة . 
عرض عليها ان يجلسا سويا لنصف ساعة يشربان شيئا , فوافقت , فهى وسيلة اخرى للهروب , خاصة وان السفر فى الصباح الباكر .
جلسا فى احد " الكافيهات " الحديثة , و بدت نهى مشوشة التفكير , تائهة .. كأنها فى عالم اخر . 
خالد : انتى كويسة ؟؟
نهى : هاه ؟؟ 
خالد : انتى كويسة ؟
نهى : ممممم .. الحمدلله , انا مش عارفة اقولك صراحة على اخر مرة اتقابلنا , بس .. يعنى ... انا اسفة جدا .
خالد : مفيش اى داعى للاسف يا نهى , انا مقدر جدا , وبعدين انتى ربنا يكون ف عونك , يعنى الحادثة اللى حصلت و وفاه ابن عمك , كل ده يكسر اى حد , انتى قوية جدا و مستحملة كل ده , انا لو مكانك بجد كنت انهارت . 
نهى : انا لازم ابقى قوية عشان اهلى , ولا ايه ؟
خالد : بس حرام تشيلى كل الحمل ده لوحدك 
نهى : طيب هعمل ايه ؟؟ .
خالد : انتى معندكيش اصحاب يا نهى ؟
نهى : يعنى , ممكن زمايل ف الشغل , ز اخويا وحمدى و دينا هما اللى ليا فى الدنيا , خصوصا بعد جواز عزة , ولان الفرق بينى و بين عزة كبير شوية . 
خالد : طيب ممكن نبقا اصحاب ؟؟
نهى : طبعا يا خالد , انا مش عارفة اقولك ايه اصلا انتا خففت عنى كتير صراحة وكفاية سؤالك عليا .
خالد : مممممم مش احنا اصحاب خلاص , يعنى ده العادى بين الاصحاب بقى . 
نهى : اكيد 
خالد : قوليلى بقى , ايه اخبار روايتك ومقالاتك ؟
نهى : رواية ايه بقى ؟؟ .. انا مش بكتب اليومين دول , حتى مقال الاسبوع كتبته بالعافية , و مش مقال كمان .
خالد : لسة ما قريتهوش انا ده .. هينزل امتى ؟
نهى : بكرة هكون انا ف الطيارة ومسافرة على المانيا .
خالد : السفر بكرة ؟
نهى : ااه .. ان شاء الله 
خالد : هتسافرى انتى ومؤمن بس ؟
نهى : مممممم .. اسبوعين و هنرجع ان شاء الله , يا رب العملية تنجح و ارجع اشوف اخويا زى الاول .
خالد : يا رب . 
نهى : ممكن نمشى عشان اتاخرت اوى و لسة ورايا حاجات اخلصها قبل الصفر .
خالد : تمام , بس انا عايز ابقى اطمن عليكى وانتى هناك ؟؟
نهى : انا طبعا تليفونى هيتقفل , بس لما اوصل هبقا اكلمك و اقولك الرقم اللى تتصل عليه .
خالد : تمام اتفقنا , ده رقمى اهو , خليه معاكى عشان تكلمينى عليه .
نهى : تمام .
و يغادران الكافيه و يوصلها الى المنزل و يغادر بعد ان يسلم عليها . 
                         * * * * * * * * * * * * 
تدلف نهى الى المنزل تجد عزة و حسن يودعان مؤمن قبل السفر , ودينا و عمها فؤاد بالطبع حاضرون . 
تسلم على الحاضرون و تستأذن الى غرفتها , تذهب عزة خلفها لانها لاحظت انها ليست على ما يرام .
عزة : مالك يا نهى ؟؟ .. انتى كويسة ؟
نهى : ااه .. الحمدلله 
عزة : لا شكلك بيقول فى حاجة .
نهى : لا يا عزة مفيش حاجة , بس مرهقة شوية , يا دوب لسة جاية من المستشفى وروحت الجريدة عشان الاجازة , وعندى مية حاجة اعملها .
عزة : ربنا يقويكى يا حبيبتى , معلش , انا عارفة ان الحمل كتير اووى عليكى بس انتى اللى رافضة انى اساعدك , و بابا وماما ف دنيا تانية , و انتى شايفة ده بنفسك .
نهى : عارفة يا عزة , و مش بشتكى و الله , وانتى كفاية عليكى مروان وحسن , انا مش عايزة اشيلك فوق همك .
عزة : ربنا يقويكى يا حبيبتى , تعالى انتى استريحى شوية وانا هجهز الشنط 
نهى : لا يا وزة , روحى انتى بس اقعدى مع مؤمن شوية وانا هجهز الشنطة بسرعة واجى اقعد معاكوا .
عزة : ماشى يا حبيبتى .

                              * * * * * * * * * *
تسافر نهى ومؤمن فى الصباح الباكر ...
فى نفس اللحظة التى يقرأ بها خالد الجريدة الاسبوعية 

مقال الاسبوع ... مع نهى الصرفى 

 عزاء ..... 
اعذرونى ذلك الاسبوع , لن اكتب لكم مقالا كما تتوقعون , و لكنى سأوصف احساس يسيطر على كيانى , و يشوش على عقلى . 
      مازلت تائهه فى هذه الحياه , حزينة على ما مضى من حياتى , و قد اكون نادمة على بعض الافعال , و لكنى بالتأكيد مازلت تائهه , لا اعلم لما تأرجنا الحياه بين ضفتى الحزن والسعادة , بين الامل و التشاؤم , تكسرنا تارة و تدفعنا الى النجاح تارة اخرى , لكنها دائما تحملنا اثقالا وهموما لا نقوى على مواجهتها , كالموت فهو ليس احساس لحظى يختفى بعد وهلة , لكنه يدوم فى قلوبنا , احساس صعب موحش , قد يدمرك نهائيا و يفقد الحياه معناها , الفقدان شئ صعب جدا -  لا كتبه الله على احد - اصعب ما به لحظات التذكر , ذلك الاحساس الذى يقشعر له جسدك و تدمع له عيناك , حينما تذهب الى الاماكن التى اعتدت الذهاب اليها , لتشاهد شريط حياتك امام عينيك , ليس بالضرورة يكون الفقدان هو فقدان الحبيب , فالاصعب من ذلك هو فقدان الاهل , ان تكون عاجزا على مداواة جروح من حولك , فلا توجد كلمات تعوض منّ فُقد , و قد يسيطر علينا الضعف فيجعل كل شئ حولنا ضبابيا . 
    و الان كل شئ فعليا كالضباب امامى , لن اكتب مقالا ذلك الاسبوع , ولكنى سأكتب عزاء , عزاء لاقرب الاشخاص لى , لاخى الذى لم تلده امى , حمدى ابن عمى . 
   حمدى .. رحلت وتركتنا فى ذلك العالم دون ان تودعنا , رحلت وتركتنا دون ان ترسم لنا الخطوات التى نتبعها بعدك , لم تكمل حلمك فى الحياة , و لن تشاركنا حلمنا بعد الان , لا اعلم ان كنت ستعلم ذلك الكلام ام لا , و لكنى فى حاجة للاصفاح عنه , انت تعلم جيدا ان فى الكتابة وسيلة للهروب , و انت من يسيطر على عقلى حاليا .
    رحمك الله يا اعز ما نملك , رحمك الله و اسكنك فسيح جناته , من المؤكد ان الله له حكمه فى ان تتركنا , ربما ليست الدنيا مكانك , و ربما لا يريد الله لك الذنوب فى الدنيا فأخذك اليه .
   اخى .. شافاك الله و عافاك , سأظل ادعو لك طوال حياتى , هذا هو طلبى هذا الاسبوع , ادعو لاخى بالشفاء وابن عمى بالرحمة . 


كان ذلك المقال الذى قرأه مراد فى الجريدة الاسبوعية , اخذ يترحم على حمدى و يدعو لـ مؤمن بالشفاء , و تذكر " نهى " تلك الفتاه الرقيقة , التى كانت طالبه عنده فى يوم من الايام , و كانت حبيبته لفترة من الزمن . 
ظل يبحث عن رقم هاتفها فاتصل بالجريدة وحصل على الرقم منهم , فكر كثيرا قبل ان يتصل بها و اتصل فى النهاية , ولكن الهاتف كان " مغلق " , اتصل كثيرا ولكن بلا جدوى . 

                            * * * * * * * * 
تصل الى المانيا وبعد ان تستقر فى الفندق , تتصل بـ خالد ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق