الأحد، 2 فبراير 2014

لا تتركنى #8

الحلقة الثامنة 
*********
دينا و مؤمن .. علاقة حب بين طرفين لا نعلم ان كانت ستستمر ام لا , فمؤمن لم يعد كالسابق , فهو الان شخص عاجز لا يمكنه الوقوف على قدميه , بالطبع هناك امل ان تنجح العملية التى ستجرى له فى المانيا , و لكن ماذا ان لم تنجح تلك العملية ؟؟ هل ستستمر تلك العلاقة ؟؟
ودينا ايضا .. فهى لم تعد كالسابق , فالحزن الذى يسود وجهها وقلبها اكبر مما يتخيله احد , فهى دائما ما تكون فى عالم اخر , احيانا تذهب بتفكيرها بعيدا , فتتذكر ايام طفولتها , والدتها و اخيها و اشخاص لم يعودوا معها بعد الان , و لكن التفكير الاصعب هو مؤمن , فهو لم يتحدث معها بعد , ولم يتحدث الى احد سوى نهى و لكن لا احد يعلم ذلك حتى الان , احيانا يراودها التفكير ماذا سيحدث ان لم تنجح العملية ؟؟ .. هل ستستمر تلك العلاقة ؟؟ , هل سيأتى يوما و يتزوجا كما كانا يحلمان يوما ؟؟ .

يأتى المساء , و يطرق رجلا غريب على باب المنزل ......
كان خالد , اتى بعد ان اخبر حسن انه يريد ان يعزى اهل البيت , فبعد ان قابله حسن و عرفه الى توفيق و فؤاد و قال الكلمات المتعارف عليها فى تلك المواقف " البقاء لله , و الله يرحمه , و ان شاء الله مؤمن يقوم بالسلامة و يرجع زى الاول " و كلمات كتلك فهم لا يعرفون بعضهم حتى يتطرقوا الى مواضيع اخرى , و بعد قليل جاءت نهى و معها " صينية " القهوة , جلست معهم قليلا و لكنه سرعان ما استأذن و غادر المنزل . 

لم يكن قدوم خالد مجرد أداء واجب العزاء , فربما كان يريد ان يشعر نهى بالطمأنينة , فهو يعلم جيدا كيف يكون المرأ فى تلك الظروف , فالانسان يكون واهنا شاردا غير مبال بشئ لانه يكون فى عالم اخر , و هذا بالطبع ما لاحظه حينما قابل نهى امام المستشفى , فقد كانت شاردة الزهن , حتى انها لم تلاحظ حتى كلماته و كان الرد بمجرد إيماء الرأس , و لم تلاحظ انه قد نادى عليها بعد ان ابتعدت قليلا ولكنها لم تسمعه , فالحمل كبير جداا عليها , فهى تحاول ان تكون قوية من اجل مؤمن ودينا ووالديها وعمها , فهى تطيب جروح قلبهم لكن لا احد يهتم بها ولا يسال عن حالها , فالموقف صعب جدا بالنسبة لها , كما ان معرفتها بحب دينا و مؤمن يزيد الحمل عليها , فهى لا تريد ان يعلم احد و فى نفس الوقت يجب ان تهون عليهم الوضع قليلا , كل ذلك بجانب اهتمامها بـ مؤمن و سفره لاجراء العملية فهى ستسافر معه , و يجب ان تكون قوية ايضا من اجله , يجب ان تملأ قلبه بالامل والتفائل , وتصبر دينا التى لا تعلم مصيرها بعد . 

اما عن مؤمن فـ احساسه مختلف جدا , فهو لا يريد ان يظلم دينا معه , و لا يريد ان يشعر بتأنيب الضمير , اى حب هذا الذى يجلب كل ذلك الالم , ألم الفراق قبل حدوثه , وألم الرغبة فى البعد , فالاحساس متناقض جدا كأنهما سحابتن يسببان انقلاب هوائى داخل القلب و العقل , فيشكلان عاصفة من الهواجس و المخاوف التى لا تعلم حقا ايهما اسوء , الاستمرار ام الفراق ؟؟ 

دينا كانت اقل منهما ارهاقا , فهى لا تفكر سوى بـ مؤمن و اجراءه للعمليه , حتى انها لم تفكر ابدا ان تتركه بل انها تريد ان تبقى معه فى جميع الاحوال , حتى و ان فشلت العملية " لا قدر الله " , و لكنها تشعر فى صميم نفسها بان شيئا غريبا يدور فى عقل مؤمن , كانه يتهرب من شئ ما , حتى عيناه لا تواجه عيناها فدائما ما يشيح بنظره بعيدا عنها , ربما يساوره الشك انها قد تتركه ان ظل " مشلولا " ؟؟ 
هذا هو السبب الذى توقعته دينا , لذلك قررت ان تذهب الى غرفته فـتطمأنه و تخبره انها لن تتركه ابدا . 

تذهب دينا الى غرفة مؤمن , تستأذن وتدلف الى الغرفة , كان مؤمن ممدا على السرير و لكنه مستيقظ ينظر الى بعض الاوراق الخاصة بسفره , وبمجرد دخولها الى الغرفة يترك الاوراق جانبا و يحاول ان يعتدل فى جلسته ولكن ذلك صعبا جدا بالنسبة له , فتجلس بجواره و تضع يدها على يده و تخبره ان لا يتحرك فهى تريد فقط ان تخبره شيئا و ستغادر سريعا . 

مؤمن : خير يا دينا ؟ 
دينا : خير يا حبيبى , انا بس كنت عايزة اطمن عليك , حاسة ان فى حاجة مخبيها عليه . 
مؤمن : حاجة ايه ؟ , انا مش مخبى حاجة يا دينا .
دينا : لا مخبى حاجة ,, انتا مش طبيعى معايا خالص , كنت فاكراك هتكون اقرب ليا من كدة , بس انتا بتبعد اكتر و اكتر 
مؤمن : مش ببعد يا حبيبتى بس انتى شايفة الظروف اللى احنا فيها , و انا .......
دينا : انتا ايه ؟ .. مالك ؟ ,, احكيلى يا روحى على كل اللى ف نفسك 
مؤمن : خايف يا دينا , خايف العملية تفشل وما اقدرش اعيش حياتى طبيعى , خايف اظلمك معايا .................
و تضع يدها بسرعة على فمه و تدمع عيناها ..
دينا : اوعى تكمل .. انتا عمرك ما هتظلمنى , و بعدين انتا كل اللى ليا ف الدنيا يا مؤمن , عشان خاطرى ما تبعدش عنى خالص , و بعدين العملية دى مجرد ثغرة ف حياتنا و انا عمرى ما هسيبك مهما حصل , حتى لو معملتش العملية دى اصلا . 
مؤمن : هتعيشى مع واحد مشلول طول عمرك ؟ 
دينا : بس يا مؤمن حرام عليك , انا بتعب من الكلام ده , و بعدين انا موافقة اعيش معاك طول عمرى ف اى وضع , و لو " لا قدر الله" العملية ما نجحتش ده مش هيغير حاجة ابدا ف علاقتنا , ولا انتا بقى اللى مش عايزنى ف حياتك ؟ ..
مؤمن : ايه اللى انتى بتقوليه ده ؟.. انتى عارفة كويس جدا انى بحبك و ما اقدرش اعيش من غيرك , و عشان بحبك يا دينا لازم نبعد , بلاش تخلينى احس بالذنب ان بظلمك معايا . 
دينا : مالكش دعوة بقى , انا راضية بكدة يا سيدى , انتا هتظلمنى بجد لو سيبتنى يا مؤمن , عشان انا بحبك 
مؤمن : وانا كمان بحبك جدا .
اقتربت منه دينا و طبعت قبلة على جبينه .. 
دينا : انا هسيبك ترتاح يا حبيبى , انتا لازم تنام . 
مؤمن : حاضر يا روحى , و انتى كمان لازم ترتاحى , و هطلب منك حاجة .
دينا : ايه يا روحى ؟ 
مؤمن : ممكن اول ما تصحى تيجى تقعدى معايا ؟ ,, انا بزهق و انا لوحدى , بدأت احس انى هتجنن من كتر ما بكلم نفسى . 
دينا : بس كدة ؟ .. حاضر يا روحى من عنيا , تصبح على خير 
مؤمن : وانتى من اهله يا روحى . 

و تخرج دينا من الغرفة وهى تمسح دموعها و تحاول ان تبدو طبيعية , و تقابلها " ماجدة " عند باب الغرفة فترتبك دينا ..........

                              * * * * * * * * * * * * * 

ظلت ياسمينة تبكى فى غرفتها كثيرا , ثم بدت كانها تحدث نفسها ( كل حاجة ابتدت ف اليوم ده , يا ريتنى ما كنت قابلتك ولا عرفتك ) , ثم عادت بالذاكرة الى الوراء , الى ذلك اليوم الذى علمت فيه بقرابة هند و مراد . 
فقد كان ابن خالتها الذى اتى مع والدتها للمكوث فى منزلها حتى عودة زوجها , فقد كانت الابنة الوحيدة ولا اخ لها , حتى والدها كان متوفيا من قبل زواجها , و كان مراد اقرب الى اخيها , فقد كبرا معا حيث كانت دراسة مراد فى القاهرة فكان يجب ان يترك بيت اهله فى المنصورة و ينتقل للعيش فى القاهرة , فى منزل خالته بالتحديد , لذلك كان متعلقا جدا بخالته و ذهب الى " هند " بنت خالته حينما علم بما حدث لها فى الليلة المنصرمة , وكان ذلك من حظ ياسمينة الاسود , فربما ذلك ما تظنه , حيث ان كل شئ بدأ فى ذلك اليوم . 

و قتها , و بعد ان احضر مراد العشاء و جلسوا معا يتسامرون و يتحدثون عن ذكريات الطفولة بين مراد وهند و كانت هند تفضح ذكريات لـ مراد جعلت ياسمينة تضحك فى هستيرية , كان دائما ما يبرر مراد ذلك بأنه كان مجرد طفل أنذاك , و اثناء ذلك استأذنت هند لدقائق , فنظر مراد الى ياسمينة و أردف حديثه .
مراد : بس تعرفى ان ضحكتك جميلة جدا . 
ياسمينة : ميرسى .
مراد : ايه ده ؟ .. هوا انتى منهم ؟ 
ياسمينة : هما مين دول ؟
مراد : البنات الرقيقة اللى وشهم بيحمر و بيتكسفوا اوى كدة ؟ .. ايه ده لا انا ما اقدرش على كدة 
ياسمينة ( و قد ظهرت ملامح الخجل على وجهها و تصرفاتها ) : هيا هند راحت فين ؟ 
مراد : هههههههههههههههههه ايه ده انتى بتهربى بقى 
ياسمينة : لا مش بهرب , بس هيا اتاخرت . 
مراد : سيبك من هند دلوقتى , خلينا ف القمر اللى قاعد معايا 
ياسمينة : انا لازم اقوم , الوقت اتاخر جدا 
مراد : يعنى هتسيبينى لوحدى كدة ؟ 
ياسمينة : ما حضرتك معاك طنط و هند .
مراد : حضرتك ؟؟!! , على فكرة انا اسمى مراد , مراد وبس 
ياسمينة : أ\ مراد , انا اسفة مش هقدر ارفع الالقاب . 
مراد : طيب انا عايز اسمع مراد بس منك , ممكن ؟
ياسمينة : احم .........
مسك يدها ونظر طويلا فى عيناها ....
مراد : قولى مراد وبس . 
ياسمينة : مراد ..
مراد : اسمى حلو اوى وهوا طالع منك انتى . 
و كأن ياسمينة كانت فى عالم اخر لم تشعر فيه بأى شئ سوى " مراد " , و الذى من الواضح انه قد آسر تفكيرها و سيطر على كيانها , فسبحت هي الاخرى فى عيناه حتى اصبحت تقول ما يطلب منها , فقد تلفظت باسمه دون ذلك اللقب التى اعتادت ان تذكره , فقالت فى صوت عذب حنون " مراد " 
و لكنها سرعان ما عادت الى عالمها و سحبت يدها سريعا و استأذنت و غادرت مسرعة , حتى انها قد نسيت هاتفها على الكرسى الذى كانت تجلس عليه . 
و بعد ان اغلقت باب الشقة اميك مراد بهاتفها و سجل رقمه عندها بعد ان أخذ رقمها , ثم اخذ الهاتف و ذهب يطرق بابها .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق