الحلقة الثالثة عشر
************
كانت نهى تتحدث مع مراد فى التليفون , والذى كان اتصاله مفاجئا جدا بالنسبة لها .
فى تلك اللحظة تسمع صوت نغمة بسيطة فى الموبايل , تنظر الى الشاشة ويكون اسم خالد مكتوب عليها , فقد كان Waiting ..
لا تعلم ماذا تفعل , و لكنها اخيرا قررت ان ترد على خالد وتنهى المكالمة مع مراد
نهى : معلش يا مراد انا مضطرة اقفل حالا عشان معايا تليفون مهم جدا , معلش نبقا نتكلم ف وقت تانى .
مراد : اها , تمام ولا يهمك , سلام
نهى : سلام ..
تغلق مع مراد و ترد سريعا على خالد والذى كان على وشك ان يغلق ..
نهى : الو .. خالد سورى ..
خالد : و لا يهمك , انتى عاملة ايه ؟
نهى : تمام الحمدلله , انتا عامل ايه ؟
خالد : تمام , وحشتينى ..
نهى : ......
خالد : ومؤمن عامل ايه بقا ؟؟
نهى : ممممم تمام كويس الحمدلله .
خالد : يا رب دايما , كنتى بتكلمى مين بقى ؟
نهى : ايه ؟؟؟
خالد : هههههههههههه بهزر والله , هشوفك امتى بقى ؟
نهى : ممممم سيبنى افكر ..
خالد : ممممم شكلك هتتقلى علينا بقى .
نهى : ههههههههههههههه لالالا انا اقدر بردو ؟
خالد : خلاص يبقا اشوفك الصبح بقى .
نهى : ممممممم عندى شغل ..
خالد : مممممم يبقا ننزل نفطر سوا قبل الشغل .
نهى : مااشى .. اتفقنا .
و بعد ان تنهى نهى المكالمة , تجلس تفكر قليلا ..
فهى حقا قد القت الماضى وراء ظهرها و التفتت الى حاضرها , فقد طوت صفحات مراد من كتاب حياتها و اخذت تلون فى صفحات خالد , و لكنها مازالت بحاجة لان تمزق اوراق مراد نهائيا من كتابها , و قبل ان يسالها خالد عن آثار تلك الاوراق الممزقة يجب ان تخبره لما مزقتها و من كان يشغل تلك الصفحات القليلة من حياتها , فالطبع ستترك تلك الصفحات بقايا لها فى الكتاب و ان حاولت ان تبترها نهائيا ف سيتمزق الكتاب باكمله و ستحاول اعادة ترتيبه من جديد , لذلك قررت ان تطويها مؤقتا حتى تتخلص منها دون ان يتمزق الكتاب .
بعد دقائق تدلف الى غرفة والدتها ..
نهى : مالك بقى يا ماما مش بتقعدى معانا ليه ؟
ماجدة : معلش يا حبيبتى تعبانة شوية بس ..
نهى : مالك يا ماما ؟ .. انتى كويسة ؟؟؟؟
ماجدة : مفيش حاجة يا حبيبتى , ما تقلقيش هما شوية ارهاق بس مش اكتر .
نهى : ماما انتى شكلك تعبانة اووى , ممكن طيب نروح للدكتور ؟
ماجدة : يا حبيبة قلبى مفيش حاجة , انا اخدت علاج و شوية وهبقا كويسة , بس محتاجة انام عشان مصدعة شوية .
نهى : طيب يا ماما , لو احتجتى اى حاجة نادى عليا انا هكون برا .
ماجدة : ماشى يا حبيبتى , انا بس هتصل بـ بابا اطمن عليه وانام .
نهى : ماشى , سلميلى عليه وقوليله يرجعلنا بالسلامة .
ماجدة : حاضر يا بنتى .
تخرج نهى من الغرفة و هى قلقة على والدتها و التى يبدو عليها التعب و الارهاق , تذهب لتطمئن على مؤمن , وتجده بحالة افضل فقد كان يضحك و يتحدث مع دينا بمنتهى التفائل والامل , لذلك انسحبت من ذلك اللقاء دون ان تتطفل عليهم , فذهبت الى عالمها الخاص , عالم تختفى فيه عن الانظار ولا يسمع فيه صوت الا صوت القلم , احيانا لا تستطيع التعبير عما بداخلها الا من خلال الكتابة , وغالبا تختلف شخصيتها التى تكتب عن شخصيتها التى تتعامل مع البشر , فهى تخاف المواجهة احيانا , وقد تكون شراستها مجرد تمثيل تخفى خلفه شخصيتها .
و لكن الشخصية التى تكتب فهى شرسة احيانا مرحة غالبا جريئة دائما , شخصية لا تتوقف عند موقف محدد ولكنها تدور بالاحداث حتى ترغمك على متابعتها , قد تجدها تعبر عن رأيك كانك تحدث نفسك عند قرائتها وتقول " انها توصف احساسى " , شخصية رائعة حقا .
* * * * * * * * * *
كانت العلاقة بين مراد و ياسمينة تأخذ مسارا اخر فهى لم تكن علاقة معيد بطالبة ولا حتى علاقة الجيران فقد تجاوزت الصداقة بقليل , حتى اتى ذلك اليوم الذى اخبرها انه يحبها جدا ولا يستطيع ان يعيش بدونها , كان وقع تلك الكلمة على مسامعها له احساس اخر , احساس بالربيع المتفتحة ازهاره , كرؤية فتاه صغيرة لديها " غمازات " و عيون عسلية واسعة , احساس بالحب و كفى به احساس .
* * * * * * * * * * *
بعد ساعات من الكتابة لم تشعر نهى بما قضته فى عالمها , تخرج من الغرفة و تذهب الى غرفة مؤمن , تجده نائما , تتصل بـ دينا و تخبرها بـ انها رحلت منذ ساعة بعد ان اخذ مؤمن الدواء و نام , و ان موعد الدواء القادم فى الرابعة والنصف فجرا , تنهى المكالمة مع دينا و تدخل الى والدتها لتطمئن عليها خاصة ان والدها غير موجود فقد ذهب الى اقاربه فى " البلد " ليطمئن على عمته المريضة وكان معه فؤاد اخيه لذلك كانت دينا تقضى اليوم مع نهى و تذهب الى شقتها للنوم فقط .
تدلف الى الغرفة و ما تزال والدتها نائمة , تقترب منها ببطئ شديد خوفا من ان توقظها , ولكنها بمجرد ان اقتربت منها وجدت سماعة الهاتف ملقاه على الارض والسلك مازال معلق بيدها , تضع يدها على كتفها , وتحاول ايقاظها ولكن دون جدوى ..
نهى : ماما .. ماما ... ردى عليا .. يا مؤمن ... حد يلحقنى .
كان الدواء الذى يتناوله مؤمن يحتوى على نسبة كبيرة من المخدر لذلك كان نائما بعمق و بالطبع لم يسمعها , لم تعلم نهى كيف تتصرف ولكنها ركضت سريعا لتتصل بدينا و بمجرد ان امسكت الهاتف فوجته يرن ...
نهى : الو , دينا ...
مراد : لا انا مراد .. مالك يا نهى ؟؟
نهى : ماما تعبانة اوى ومش بترد عليا .
مراد : طيب انا هطلب الاسعاف , ما تقلقيش انا جايلك حالا .
كانت نهى تبكى وهى تتحدث و لم تكن تعلم اى شئ , فقد انتظرت عشر دقائق حتى وصلت سيارة الاسعاف و وصل فى نفس التوقيت مراد .. صعدت الى سيارة الاسعاف مع والدتها و تبعها مراد فى سيارته , و بسبب كل ماحدث لم تتصل بـ دينا فقد انشغلت جدا بوالدتها ..
تصل الى المستشفى و بعد اجراء الكشف على والدتها تبين انها تعانى من ازمة قلبية حادة وتم نقلها الى غرفة العناية المركزة .
تجلس نهى على كرسى بالمستشفى و تبكى , فيجلس بجوارها مراد ويحاول ان يخفف عنها , وبمجرد ان وضع يده على يديها ابتعدت عنه , وامسكت بهاتفها واجرت اتصالا ثم عادت مرة اخرى الى المكان التى كانت تجلس به .
مراد : ما تقلقيش ان شاء الله هتبقا كويسة
نهى : يا رب ..
مراد : هوا ايه اللى حصل بالظبط ؟؟
نهى : معرفش كنت فاكراها نايمة قربت منها و حاولت اصحيها بس مكنتش بترد عليا ..
مراد : انا هقوم اكلم الدكتور واشوف ايه الاجراءات عشان تفضلى معاها .
نهى : مفيش داعى ,انا تعبتك معايا , انا هقوم اكلم الدكتور .
مراد : مفيش تعب ولا حاجة يا نهى , مفيش بينا الكلام ده , خليكى انتى استريحى و انا هروح اشوف الاجراءات .
لم تدعه نهى يمسك يدها او حتى يطبطب عليها ليخفف عنها فقد ابتعدت عنه كثيرا حتى لا تتقارب حتى اجسادهم و لو بنصف متر .
وبعد لحظات وصل خالد الى المستشفى و بمجرد ان رأته نهى وقفت سريعا من مكانها حتى يراها فـ اتخذ خالد خطوات سريعة جدا فى اتجاهها , و قفت امامه تبكى و هى صامتة شعر بحاجتها و عدم قدرتها على التعبير فأكتفى بان ضمها اليه فاستسلمت له و اختبأت فى احضانه , فأخذ يربت على كتفها حتى تهدأ , و كان مراد يشاهد المنظر و هو فى حيرة بالغة , فمن يكون ذلك الشخص الذى سمحت له ان يحتضنها ؟ , هل تزوجت ؟ , ولكنه يعلم انها لم تتزوج بعد , ربما يكون خطيبها و لكن لا يوجد " دبلة " فى اصابعها , إذن فمن يكون ؟ , هل احبت شخصا اخر بعده ؟ , فقد وعدته ان لا تحب بعده احد .
بعد لحظات ابتعدت نهى عن خالد و امسك يدها و جلست وهو بجوارها , و هنا شعر مراد ان وجوده غير محبب فقرر ان يغادر
مراد : طيب هستأذن انا .
نهى : سورى يا مراد , نسيت اعرفكوا ببعض , خالد , مراد ..
و صافح كل منهما الاخر و هو يحاول ان يخمن " من هذا ؟؟ "
غادر مراد و جلست نهى مع خالد و هى تبكى , حتى تذكرت انها لم تتصل بـ دينا , فأخذت هاتفها و اتصلت بها .
نهى : الو , ايوة يا دينا
دينا : ايوة يا نهى , فى حاجة ولا ايه ؟؟ , صوتك ماله ؟
نهى : انا ف المستشفى مع ماما ..
دينا : طنط ماجدة كويسة ؟؟؟
نهى : فى العناية المركزة , تعبانة اووى .
دينا : ايه اللى حصل ؟ , انتى ف مستشفى ايه انا جايالك حالا
نهى : لا خليكى , انا عايزاكى تروحى لـ مؤمن , خليكى جمبه عشان لو احتاج حاجة .
دينا : طيب يا نهى , هوا يعرف انك ف المستشفى .؟؟
نهى : لا , بلاش تقوليله انا ماما تعبانة ..
دينا : طيب , طمنينى على طنط ماجدة والنبى يا نهى , انتى عارفة انها زى ماما بالظبط .
نهى : حاضر يا دينا , انتى معاكى نسخة من المفتاح , روحى الشقة و ما تنسيش معاد الدواء بتاع مؤمن .
دينا : حاضر..
جلست تبكى مرة اخرى و كان خالد بجوارها , فوضع يدها بين قبضتيه و اخذ لاينظر لها بحنان .
خالد : انتى لما كلمتينى مكنتش عارف اعمل ايه , لقيت نفسى جاى جرى , كنت خايف اوى عليكى عشان عارف انك بتتحملى كل حاجة لوحدك و كل ده كتير اوى عليكى .
نهى : معرفش انا ازاى كلمتك اصلا , بس حسيت انى لوحدى اوى , لقيت نفسى بكلمك .
خالد : طيب الحمدلله انى من الناس اللى تقدرى تعتمدى عليهم , انتى ليه بتشيلى نفسك فوق طاقتك ؟ , يعنى حتى و انتى هنا وقلقانة على مامتك بتتصلى بحد عشان يكون جمب مؤمن , انتى ازاى كدة ؟ . بتفكرى دايما ف كل اللى حواليك من غير ما تتوقعى من حد انه يفكر فيكى .
نهى : يا خالد : هما مالهومش غيرى , وانا مش بحب اشيل عزة الهموم لانى عارفة يعنى ايه واحدة متجوزة و عندها طفل , ومش معنى انى مش متجوزة انى مش هبقا عارفة مسئوليات الجواز او مش هقدر ده , بس انا اتعودت انى اهتم بأهلى .
خالد : بس كتير عليكى كل ده لوحدك .
نهى : عادى ..
خالد : انا كنت عارف انى هلاقيكى تعبانة كدة , انتى لازم تستريحى , تعالى اوصلك البيت و انا هفضل ف المستشفى .
نهى : لأ .. انا هبقى مرتاحة كدة .
خالد : طيب حاولى تنامى شوية ..
نهى : طيب , روح انتا اكيد عندك شغل الصبح .
خالد : لا عادى , مش هروح و اسيبك لوحدك ابدا .
نظرت له نهى نظرة اطمئنان ..
خالد : صحيح مين اللى كان معاكى لما جيت ده ؟؟ .. مراد تقريبا ؟؟
نهى : ................
* * * * * * * * * * *
يستيقظ مؤمن و تكون دينا قابعة بجواره على كرسى .. يذكر اسمها فتستيقظ ..
دينا : ايه يا حبيبى ؟؟ ., محتاج حاجة ؟
مؤمن : انتى قاعدة جمبى من ساعتها ؟ , روحى نامى يا حبيبتى ف اوضة نهى , بلاش تروحى دلوقتى الساعة بقت 2
دينا : حاضر يا حبيبى , بس هستنا تاخد الدوا و بعدين هقوم .
مؤمن : ما تقلقيش نهى بتكون ظبطة المنبه على المعاد
دينا : ما هى نهى مش هنا ..
مؤمن : ايه ؟؟ .. امال نهى فين ؟؟؟
دينا : ...............
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق