ذلك الاحساس الفريد من نوعه , فانا اشعر به للمرة الاولى , لا اعلم لما يراودنى ذلك الاحساس .
و لكن حين يأتى الحديث الى وصفه فاستعجب من حالى , هو ليس بالجميل و لا ذو الشعر الناعم ولا العيون الملونة , فهو شخص عادى جدا ليس بطويل القامة و لا مشدود الجسد , و لكنه ممتلئ قليلا , قليلا فقط , اسمر البشرة و قصير القامة , مجرد شخص عادى لا يوجد الغريب فى وصفه كأغلب الشباب المصريين الذين تحولت عضلاتهم الى دهون زائدة حول منطقة البطن , و لكن ... <3 <3
لا اعلم فـ له جاذبيه خاصة تسحر كل من يراه , فيقع فى عشقه الكثيرات , فبمجرد رؤيته تتمنى ان تتعرف عليه اكثر و اكثر , تريد ان تمضى معه كل اوقاتك , تريد ان تضمه اليك برقة , فاحيانا كثيرة تشعر انه كطفل صغير تلمع عيناه من انعكاس البراءة بهما , و احيانا اخرى تشعر انه شاب مخضرم قد طاف البلاد جميعا و اكتسب من كل ركن خبرة يزيدها الى دهاءه و حكمة .
وسامة جميلة جدا ترتسم على وجهه , طريقته فى التحدث و تلك الضحكة الرائعة التى تشعر بها تلمس بداخلك لتخلق احساسا غريبا كانه عاصفة من المشاعر القوية الاقرب الى النشوة .
لا اعلم كيف كانت البداية , فالبدايات عادة لا تكون دقيقة , فلا شئ يحدث هكذا فى طرفة عين , و لكن تلك الاحاسيس تاتى تدريجيا , فاليوم نظرة فـ ابتسامة فـ كلمة , اليوم زملاء , غدا ااصدقاء ثم تبدأ خيوط الاعجاب تنسج احلاما وردية اللون , كقطع متفرقة من السحاب اشبه بغزل االبنات , و ما ان بدأ الحب بيننا تذوقنا تلك السحب الوردية اللون , فاحساسها ناعم كتلك القطع الزغبية من غزل البنات , تجعلك تذوب مع كل قطعه تسبح فى فمك بحرية و نعومة .
دائما ما تخبرنى اننى حورية الشرق و الغرب باللون الاحمر , و لان ذلك اليوم كان مميزا جدا , ارتديت اللون الاحمر الذى لطالما عشقته , حتى طلاء الاظافر و احمر الشفاه كانا باللون الاحمر , كنت اشبه بقطعة التفاح و لكن بملامح مصرية لا امريكية .
وصلت الى ذلك المكان الذى اخبرتنى عليه , و قبل موعد اللقاء بـ ثلاث دقائق , لم ارد ان اتاخر عليك , فقد كنت احسب الثوانى حتى اقابلك , و لكنك بالطبع غلبتنى , فقد كما نت تنتظرنى قبل ذلك بكثير , ربما كانت لهفتك للقاء اقوى , و اشتياقك الىَ كان هو ما يدفعك , او ربما كانت رغبتى بأن اتجمل من اجلك اقوى بكثير , فقضيت ساعات امام المرآه اتزين بالطريقة التى تحبها , لا يهم من وصل اولا , المهم اننا سويا الان , انا و انت فقط ..
عندما وصلت الى ذلك المكان كنت تحمل باقة كبيرة من الورد الاحمر و المكان حولك ملئ بالبالونات الحمراء على شكل قلوب كتب عليها ( I Love you ) , و شموع ايضا تزين ذلك المكان , بالضبط كـ فيلم رومانسى من الدرجة الاولى , و لكن احساسنا لم يكن تمثيلا , فقد كان حقيقة مؤكدة , حقيقة تلتمسها فى تلك النظرة الساحرة , العيون التى تلمع و الابتسامة التى لا تفارق الشفاه .
اقتربت منىّ فى خطوات ثابتة , اعطيتنى باقة الورد و طبعت قبلة رقيقة على يدى ارتعش لها جسدى , نظرت مطولا الى عينيى ثم همست فى اذنى
" احبك يا اميرتى , احب تفاحتى المصرية المزينة باللون الاحمر , احبك و لا اريد اى شئ من هذا العالم سوى الزواج بك و ان اعيش ما تبقى من عمرى فى احضانك "
جلس على ركبته و انحنى امامى و امسك يدى و طلب يدى الى الزواج , لم اعلم كيف يكون رد الفعل فى تلك المواقف , فقد اكتفيت بالابتسام , و قد حركت رأسى اعرابا على موافقتى , و قد قام هو برد الفعل المناسب , فنهض سريعا و ضمنى اليه بقوه , احتضنى و رفع جسدى قليلا و انا احيط رقبته بذراعى , فأخذ يدور بى فى ذلك المكان , صارخا " احبك يا تفاحتى "
* * *
اغلقت البوم الصور , و رفعت نظرها الى ابنتها الشابة و خطيبها , ثم اردفت فى حديثها ...
اتفقنا على ان نلتقى فى ذلك المكان كل ذكرى او مناسبة لنا , و بالطبع فى اول ذكرى زواج لنا ذهبنا الى ذلك المكان و كان ايضا مزين بالورد و البالونات الحمراء . كان يوما خياليا , فى ذلك اليوم عدت الى البيت بمفردى , و بعد ان كان ثلاثتنا اصبحنا اثنين فقط , انا و انتى يا ابنتى , فقد فارقنا والدك فى اول ذكرى زواج لنا , فارقنا فى ذلك المكان الخيالى الذى شهد كل لحظاتنا الجميلة , و حتى تلك اللحظة اذهب الى هناك فى كل ذكرى لنا , مرتدية الفستان الاحمر الذى يعشقه والدك , و انتظر طيفه فى ذلك المكان حتى يلمس قلبى و روحى , فانا ما زلت اشعر به يسير فى وريدى , و كل عام انتظر تلك الرعشة التى تصيبينى حينما اشعر به يحيطنى فى ذلك المكان , فأرواحنا متعلقة هناك معا , انا و هو و الرداء الاحمر .
انا اعلم جيدا يا بنيتى انه لا يحق لى ان اطلب منك اقامة الزفاف فى ذلك المكان , فهو ذكرى لى انا و والدك , ولا ذنب لك بها , و لكنى اطلب منك ذلك حتى اشعر بوجود والدك معنا فى مثل ذلك اليوم , اريده ان يكون متواجدا فى حفل زفاف ابنته الوحيدة , و لكن لك الاختيار يا ابنتى , كمان ان خطيبك من حقه ان يختار مكان اخر .
قاطعتها ابنتها ...
لا تقلقى يا امى , سنقيم حفل الزفاف فى ذلك المكان , و سنزينه باللون الاحمر و سترتدين الرداء الاحمر الذى يعشقه والدى - رحمه الله - فانا قطعه منكم , نصفى لك و نصفى له , و اريد ان تكونا معى بارواحكما , و حتى اشعر بوجود ابى معنا كما تريدين .
* * *
اقيم الزفاف بذلك المكان , و كان كل شئ حولهم احمر اللون , حتى باقة الورد التى تحملها ابنتهم مع الفستان الابيض , ف الاحمر اضاف بهجة الى اليوم , فى ذلك اليوم التقى روحان على الارض , فابنتهما كبرت اخيرا و تزوجت من تحب , لا بل من تعشق , و روحان فى السماء , فلم تنتظر ان تأتى روح زوجها اليها , و لكنها صعدت اليه بعد ان اتمت مراسم زواج ابنتها , انتهت مهمتها فى الحياه , و تركت روحها لملك الموت يحملها الى حيث حبيبها و عشيقها و زوجها .
و كل ما تركت ورائها فى ذلك العالم , جسدها و الرداء الاحمر .
حنان محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق